الرواية الساقطة- على أن يخلع كل منهما صاحبه أمام المسلمين وتُوَلِّي الأمة من أحبَّت، فابتدأ أبو موسى وخلع صاحبه عليًا، فلما جاء دور عمرو بن العاص وافق على خلع علي وأثبت صاحبه معاوية فهل تليق هذه المراوغة بالصالحين من أباء المسلمين فضلاً عن نسبتها للمؤمنين الصادقين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

إن المقام لا يتسع للحديث عن شخصية عمرو بن العاص الإيمانية ومواقفه الجهادية، وعسى أن تتاح الفرصة لذلك قريبًا.

ولكن القضية مرفوضة أولاً بميزان العقل والمنطق، فكيف يُتَّهَم أبو موسى الأشعري، رضي الله عنه، بالتغفيل وهو رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زبيد وعدن، واستعمله عمر رضي الله عنه على البصرة حتى قتل، ثم استعمله عثمان على البصرة، ثم على الكوفة وبقي واليًا عليها إلى أن قتل عثمان فأقرَّه علي رضي الله عنه، فهل يتصور أن يثق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خلفاؤه من بعده برجل يمكن أن تجوز عليه مثل الخدعة التي ترويها قصة التحكيم (?)؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله معلِّقًا على حديث البخاري في بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى اليمن، قال: واستدل به على أن أبا موسى كان عالمًا حاذقًا، ولولا ذلك لم يوله النبي صلى الله عليه وسلم الإمارة، ولو كان فَوَّضَ الحكم لغيره لم يحتج إلى توصيته بما وصاه به، ولذلك اعتمد عليه عمر ثم عثمان ثم علي، وأما الخوارج والروافض فطعنوا فيه، ونسبوه إلى الغفلة وعدم الفطنة، لما صدر منه في التحكيم بصفين (?).

وكيف يسوغ أن يُتَّهم الفقيه القاضي، والعالم المتبحر بمثل هذا؟ بل ويقطع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015