ومع هذه السيرة الحسنة والعدل في الرعية، فلم تكن الولاية في ذهن أبي موسى وغيره من صلحاء الأمة شهوةً جامحةً، أو سبيلاً للاستعلاء والسيطرة، وهذا عمر، رضي الله عنه، يطلب أبا موسى في رهط من المسلمين بالشام ويقول له: إني أرسلك إلى قوم عسكر الشياطين بين أظهرهم، قال أبو موسى: فلا ترسلني، قال عمر: إن بها جهادًا ورباطًا فأرسله إلى البصرة (?).

وكذلك تكون رغبة الجهاد والمرابطة في سبيل الله ضمانًا لموافقة أبي موسى وقبوله بالولاية.

أيها المسلمون، ويظهر اللهم الدقيق- في شخصية أبي موسى رضي الله عنه- لأمور الولاية في الإسلام، فهو الأمير والقاضي وهو المقرئ ومعلم الناس القرآن، وهو الكيس الفطن، وهو القائد الفاتح.

فقد قال أبو شوذب: كان أبو موسى إذا صلى الصبح استقبل الصفوف رجلاً رجلاً يقرئهم (?).

وعن أنس قال بعثني الأشعري إلى عمر، فقال لي: كيف تركت الأشعري؟ قلت: تركته يعلم الناس القرآن، فقال عمر: أما إنه كيس ولا تسمعها إياه (?).

وفي مجال الفتوح، فقد أُفْتُتِحَ في أثناء ولايته: البصرة، والأهواز، والرها، وسميساط، وما والاها، وفتح أصبهان (?).

ولذا كتب عمر في وصيته: ألاَّ يقرّ لي عامل أكثر من سنة وأقروا الأشعري أربع سنين (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015