ومن العجب أن يتساهل المسلمون فيما نص عليه دينهم ويتشبثَ بها من حُرِّفَت كُتُبُهم ونُسخت أديانُهم؟
أيها المؤمنون، وتشتد الحاجة للحلم كذلك حين تستثار المشاعر، فتحتاج إلى التهدئة والتسكين، وحين تشعر النفوس بالضيم فتتطلع إلى الانتصار وحين يشيع المنكر فترتفع أسهم الغَيْرَة لدين الله. لكنها ينبغي أن تُضْبَط يميزان الشرع وأن تحكم بالعقل، وأن تحلى بالحلم، وأن تُجَمَّل بالرفق (وما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه). وعلى مسلمي اليوم أن يتذكروا أن الاستفزاز قديم وأن العاقبة للمتقين إن هم صبروا وصابروا ورابطوا واتقوا رب العالمين.
واقرؤوا القرآن الكريم وستجدون فيما أوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً (76) سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً} (?). وقال تعالي- في معرض الحديث عن صراع الحق والباطل بين موسى عليه السلام وفرعون- {فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً (103) وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً} (?).
إخوة الإسلام، ولا يعني الحلم والأناة تبلُّد الإحساس عن مصائب المسلمين، ولا موت المشاعر عن واقعهم المهين، ففئة تُقتَل أو تُهجّر- كما يحصل اليوم على أرض البوسنة والشيشان وغيرها- وربما مات الكثير من فقد الطعام والشراب، وفئة تؤذى أو تنفى أو تسجن أو تعذب كما في بلاد كثيرة من بلاد المسلمين.