وتسهيل الأمور وتمشيتها، فإن هذا يؤول بصاحبه إلى الهلاك، وهذا حال أهل الغرور يغمض عينيه عن العواقب ويُمش الحال، ويتكل على العفو فيهمل محاسبة نفسه والنظر في العاقبة، وإذا فعل ذلك سهَّل عليه مواقعة الذنوب وأنس بها، وعسر عليه قطافها)) (?).
عباد الله ومن أقوال السلف إلى أعمالهم وحرصهم على محاسبة أنفسهم، فهذا عمر رضي الله عنه يدخل حائطًا فسمعه أحد المسلمين - وهو لا يدري - يقول:
عمر! ! أمير المؤمنين؟ ! بخ بخ، والله يا بني الخطاب لتتقين الله أو ليعذبنك.
وجاءه رجل يشكو إليه وهو مشغول فقال له أتتركون الخليفة حين يكون فارغًا، حتى إذا شُغل بأمر المسلمين أتيتموه، وضربه بالدّرة، فانصرف الرجل حزينًا فتذكر عمر أنه ظلمه، فدعا به، وأعطاه الدرة، وقال له: اضربني كما ضربتك، فأبى الرجل وقال: تركت حقي لله ولك، فقال عمر: إما أن تتركه لله فقط، وإما أن تأخذ حقك، فقال الرجل: تركته لله، فانصرف عمر إلى منزله فصلى ركعتين ثم جلس يقول لنفسه: يا ابن الخطاب كنت وضيعًا فرفعك الله، وضالًا فهداك الله وضعيفًا فأعزك الله، وجعلك خليفة فأتاك رجل يستعين بك على رفع الظلم فظلمته؟ ما تقول لربك غدًا إذا أتيته؟ وظل يحاسب نفسه حتى أشفق الناس عليه (?).
لله درك يا عمر على هذا العدل والإنصاف والمحاسبة أين نحن من عمر؟ كم نظلم أنفسنا بفعل المعاصي فهل نحاسبها وكم يقع منا ظلم على غيرها فهل نتقي الله ونرجع ونرد المظالم ونستأذن من ظلمنا، ونلوم أنفسنا؟