شعاع من المحراب (صفحة 3021)

وحين يخرج الجنين للحياة يبدأ الجهد الأشق حيث يتنفس هواء لا عهد له به، ويفتح رئته لأول مرة ليشهق ويزفر ويستهل المولود صارخًا صرخة النزول الأولى في الحياة الجديدة .. وتبدأ دورة هضمية ودموية في العمل على غير عادة ويعاني المولود الجديد من كبد إخراج الفضلات حتى تُروض أمعاؤه على هذا العمل الجديد .. وفي هذه المرحلة يكثر الصراخ والعويل حتى وإن قُلِّب الجنين ذات اليمين وذات الشمال وكل خطوة بعد ذلك فيها كبد .. فهو يعاني ما يعاني حين يهم بالحبو .. وأشد من ذلك معاناة حين يستعد للوقوف والمشي .. فهو خائف وجل وهو يقوم ويسقط ويبكي أكثر مما يضحك .. وعند بروز الأسنان كبد .. هذا فضلًا عن كبد الأمراض المعترضة والآفات المصاحبة للنشأة ويستمر الجهد والكفاح والنصب والكبد في مسيرة الإنسان فهو يكابد حين يتعلم ويكابد حين يفكر .. وفي كل تجربة جديدة له فيها كبد ونصب.

ثم يكبر ويشتد عوده وتبدأ رحلة أخرى من المشاق والكبد.

ولئن اختلفت الطرق وتنوعت المشاق فالكل في كبد هذا يكدح بعضلاته، وهذا يكدح بفكره والفرق هذا يكدح ويبيع نفسه ليعتقها وآخر ليوبقها .. هذا يكدح في سبيل الله وذاك يكدح في سبيل شهوة ونزو وصدق الله {إن سعيكم لشتى}.

لا يفارق الكبد الإنسان في أطوار حياته كلها .. كبد وكدح في مرحلة الشباب .. وكبد من نوع آخر في مرحلة الشيخوخة والهرم .. إنه (الكدح) للغني والفقير والذكر والأنثى والسيد والمسود .. وكل يعايش نوعًا من الكبد فالفقير الذي يكلف في سبيل الحصول على لقمة العيش أو شدة العوز أو همِّ الدَّين وغلبته وقهر الرجال ومطاردتهم قد لا يظن أن غيره في كبد .. بينما ترى الغني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015