وموعظةٌ وذكرى تناديكَ -يا أخا الإسلام- وتقولُ: الأوراقُ تتساقطُ والنباتُ الأخضرُ ينصرمُ، ثم يعودُ هشيمًا تذروهُ الرياحُ، والجديدُ يبلى، والصغيرُ يكبرُ ويهرمُ والموتُ نهايةُ كلِّ حيٍّ .. وكلُّ شيءٍ هالكٌ إلا وجهَهُ .. لكنْ ماذا بعدُ؟ هلْ أيقنتَ أنَّ الأنفاسَ تُحصى، والرقيبُ لا يغفلُ {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (?) والربُّ يُحصي ولا ينسى {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} (?) وهو يُجازي على القِطْمير والنَّقير، وهو يعدلُ ولا يظلم {وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (?) والكتاب يُوضع {لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (?).
هل ستنفعُكَ المعذرةُ ... أمْ ستدافعُ عنكَ العشيرةُ أو القبيلةُ {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (?) {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} (?).
هلكَ المالُ، ولمْ ينفعِ الجاهُ والسلطان، وتمنى المغرورُ أنه لمْ يقفْ هذا الموقفَ العصيبَ الرهيب. إنها مشاهدُ غيبيةٌ يعرضها القرآنُ، وكأنها رأيُ العين، فاستمعْ إليها ما دامَ السماعُ ممكنًا، واعقِلْها بأهوالها ومشاهدِها وأقمْ لها وزنًا وفي القرآن معتبرٌ ومدَّكر {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ} (?).