وتحيا، وأفرادٌ يولدون وآخرون يموتون، نصرٌ وهزيمة، وعِزٌّ وذُل، غنيً وفقرٌ، رخاءٌ وشدائدُ، أحزانٌ ومسراتٌ .. وهكذا يقلبُ اللهُ الليلَ والنهار، ويتقلبُ الخلقُ- بأمرِ الله- منْ حالٍ إلى حال {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (?).
عبادَ الله: ومنذُ قتلَ أحدُ ابني آدمَ أخاه وقطارُ البغيِ والفسادِ في الأرضِ جارٍ بقدرِ اللهِ وإرادتهِ وحكمهِ، لا يتوقفُ الأمرُ عندَ حدودِ اعتداءِ شخصٍ على آخرَ بغيرِ حقٍّ- بل قامت أممٌ على الاعتداءِ وسحق الآخرين ظلمًا وعدوانًا، ونشأتْ شعوبٌ مكَّنَ اللهُ لها في الأرضِ فأصابها مِنَ الغرورِ والاستكبار حدًا قالوا معه: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} (?).
هذهِ القوةُ الغاشمةُ الظالمةُ، انظروا كيفَ كانتْ نهايتُها في الدنيا، ومصيرُها في الآخرة، يقولُ تعالى عن عاد {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ} (?).
نعمْ إنَّ القوةَ- مهما بلغت- لا تمنعُ انتقامَ اللهِ وبأسَه، والكبرياءُ- مهما تعاظَمَ أصحابُها- لا تدفعُ أمرَ اللهِ إذا حلَّ بساحةِ قومٍ .. وإلا فـ (عادٌ) هذه {لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ} (?). كما أخبرَ اللهُ عنهم.
وفي آيةٍ أخرى: {وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} (?).