الدِّين الحقِّ والدعوةِ إليه ما يَجِدُه من هَجَماتِ الأعداء ومَكْرِهِم، فتلك هجماتٌ وفتنٌ قديمةٌ تتجدَّد، ووعدُ اللهِ حقٌّ {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} (?)، {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} (?).
المَعلَم السابع: وثمةَ مصطلحاتٌ خادعةٌ وأفكارٌ مرفوضةٌ تُطلَقُ بين الفَيْنة والأخرى باسمِ (وَحْدةِ الأديان) أو (التقريبِ بين الأديان) أو نحوها من مصطلحاتٍ وآراءٍ تُلبِسُ الحقَّ بالباطل، وتَنْأى عن منهجِ القرآن في محاورةِ أَهلِ الكتاب على أساسِ قولهِ تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (?)، هذا حكمُ القرآن ومَن أحسنُ من الله حُكمًا لقومٍ يُوقِنون، أما الواقعُ التاريخيُّ فقد اتَّسمَ تاريخُ العَلاقاتِ بين المسلمين وأهلِ الكتاب بالعَداءِ والجهادِ المستمرِّ، وكان فتحًا مُبِينًا في القرونِ الفاضلة الأولى، وسِجالًا في العصورِ الوسيطة، وانحسارًا في العصورِ الحديثة، وكان النصرُ والتمكينُ متناسبًا تناسبًا طرديًّا مع التزامِ المسلمين بدينِهم وأَخْذِهم بأسبابِ القوة المعنويّةِ والماديةِ عبرَ مراحلَ تاريخيةٍ متمايزةٍ، دون أن تشهدَ على الإطلاق أيَّ لونٍ من (الوِفاق الدِّيني) أو (التقاربِ العَقَدي) وستظلُّ هذه السِّمَةُ باقيةً وملازمةً للطائفةِ المنصورةِ حتى قيامِ الساعة، لا يضرُّهم من خَذَلَهم ولا من خالفهم -كما قال رسولُ الهدى (?).