يُخيفون ويمكرون ويُحذرون، ولذا قال تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ} (?).
إلى قوله: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} (?).
وحين قرأ مالكُ بنُ دينارٍ - هذه الآية - قال: فكم اليوم في كلِّ قبيلةٍ وحَيٍّ من الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون (?)!
أما اليوم فماذا عساه يقول الناظر في أحوال المسلمين وما حلَّ بهم؟ ولا شك أن لقعود المصلحين وسكوت الغيورين أثرًا في ذلك، فإلى الله المشتكى وهو المستعان.
أيها المسلمون: ومن آثار ترك الأمر والنهي أنه سببٌ لردِّ الدعاء، وقد سبق حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا.
ومن آثار تركه: ظهورُ الجهل، واندراسُ العلم، وذلك أن المنكر إذا ظهر فلم يُنكر نشأ عليه الصغيرُ وألفه الكبير - وظنوه مع مرور الزمن - من الحق - وتحمّل الخيرون تبعةَ وتكاليف التغيير فيما بعد، ولو عولج المنكرُ في حينه لكان أخف، ولم تنطمسْ معالمُ الحق.
ومن الآثار لترك الأمر والنهي ما يحصل من الفتنةِ بالمنكر إذ أنّ صاحبه كالبعير الأجرب يختلط بالإبل فتجرب جميعًا، والناسُ - كما قيل - كأسراب القطا جُبل بعضُهم على التشبه ببعض (?).