الباب وقالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. قال أبو هريرة: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من الفرح. الحديث رواه مسلم في «صحيحه» (?).
تلك نماذج من فرح المؤمنين -وهي بكل حال متعلقة بمعالي الأمور، وخدمة الدين، ومصالح المسلمين، وفرحتهم في الدنيا موصولة بفرحهم في الآخرة: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} (?).
أيها المؤمنون: أما أهل الكفر والكبر والخيلاء فهم يفرحون، لكن بم يفرحون؟ وما عاقبة فرحهم؟ إنه فرح بمتاع الدنيا والله يقول: {وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ} (?).
وهو فرح يعقبه الحسرة والندامة والإبلاس {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (?).
وقارون من نماذج الفرحِين البطرين، وقد قال له الناصحون: {لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} (?). وحين استمر في كبريائه وفرحه المذموم، خسف الله به وبداره الأرض: {فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ} (?). وليس له وأمثاله في الآخرة من خلاق {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا