شعاع من المحراب (صفحة 1511)

المحرمات، أو المستحيلات كالتخليد في الدنيا، أو الاطلاع على الغيب، أو غير ذلك من صور الاعتداء التي تذهب بالخشوع وتفقد الاقتداء بهدي المرسلين، والله يقول مادحًا لأوليائه وأصفيائه: {فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} (?)، وينهى عن الاعتداء في الدعاء ويقول: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} (?).

ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلام جزل طيب في إخفاء الدعاء وعدم الاعتداء فيه، وقد ذكر له فوائد عديدة وأحصى منها عشرًا هي باختصار:

أولها: أنه أعظم إيمانًا؛ لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع الدعاء الخفي.

ثانيها: أنه أعظم في الأدب والتعظيم، فإذا كانت الملوك لا ترفع الأصوات عندها، فملك الملوك أحرى.

وثالثها: أنه أبلغُ في التضرع والخشوع الذي هو روح الدعاء ولبُّه ومقصوده.

ورابعها: أنه أبلغ في الإخلاص.

وخامسها: أنه أبلغ في جمعية القلب على الذلة في الدعاء، فإن رفع الصوت يفرقه.

وسادسها: وهو من النكت البديعة جدًّا أنه دال على قرب صاحبه للقريب، لا مسألة نداء البعيد للبعيد، ولهذا أثنى الله على زكريا بقوله عز وجل: {إذ نادى ربه نداء خفيا} فلما استحضر القلب قرب الله عزّ وجل، وأنه أقرب إليه من كل قريب أخفى دعاءه ما أمكنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015