يعد أبوتمام رأس الطبقة الثالثة من الشعراء المحدثين، وإليه انتهت معاني المتقدمين والمتأخرين، فهو ((شاعر مطبوع، لطيف الفطنة، دقيق المعاني، غواص على ما يستصعب منها، ويعسر متناوله على غيره)) (?)؛ فـ ((شعره في الذروة)) (?).
وكان أبوتمام ((كثير الاختراع والتوليد عند جمهور من علماء الشعر خلافا للقاسم ابن مَهْرُويه)) (?)، ((لاقطا للمعاني الجميلة)) (?).
وقد فضَّلَ أبا تمام من الرؤساء والكبراء والشعراء من لا يشق الطاعنون عليه غباره، ولا يدركون ـ وإن جدوا ـ آثاره، وما رأى الناس بعده ـ إلى حيث انتهوا ـ نظيرا ولا شكلا (?).
واحتج بشعره بعض أئمة النحو واللغة، قال ابن جني: ((... ولا يستنكر ذكر هذا الرجل (أبي تمام) ــ وإن كان مولدًا ــ في أثناء ما نحن عليه من هذا الموضع وغموضه، ولطف متسربه؛ فإن المعاني يتناهبها المتقدمون. وقد كان أبوالعباس (?) ـ وهوكثير التعقب لجلة الناس ـ احتج بشيء من شعر حبيب بن أوس الطائي في كتابه الاشتقاق؛ لما كان غرضه فيه معناه دون لفظه، فأنشد فيه له:
لَورَأَينا التَّوكيدَ خُطَّةَ عَجزٍ ... ما شَفَعنا الأَذانَ بِالتَّثويبِ [بحر الخفيف]
وإياك والحنبلية؛ فإنها خلق ذميم، ومطعم على علاته وخيم)) (?).