أبوتمام عَلَمٌ من أعلام الشعر العربي؛ يُعَدُّ بحقٍ ((أستاذ الطبقة الثالثة من الشعراء الحضريين المولَّدين بعد بشار وأبي نواس)) (?). سُلِّمَتْ له الزعامة في عصره، ولم يزاحمه فيها أحد في عصره مزاحمة جدية، فقد انفرد بالزعامة ((حتى اعترف له خصومه بذلك)) (?). شغل النقاد والأدباء والشعراء واللغويين والبلاغيين، شغل كل الطوائف بشعره، فقد ((فاجأهم بما لم يتوقعوا؛ فبالغ في التعمق في المعاني، والغوص على الفكرة، وأكثر من صور البديع إلى درجة الإسراف، وتجنب عمود الشعر العربي الذي كان القدوة التي تقتدى بها، وخرج على قواعد اللغة العربية، ونحوها وصرفها؛ مما كان سببا في إهمال الكثير من شعره)) (?).
وأبوتمام ـ بنهجه هذا ـ كان من الطائفة التي ((لا تسلك مسلك الشعراء قبلها)) (?)، بل كان من الطائفة التي ((تميل إلى التجديد في عصره)) (?)، والتي ((بعدت كثيرا عن الصياغة التي جرى الشعراء عليها في الجاهلية والإسلام)) (?).