ـ الثاني: ما أبانه علماؤنا من أن ((الكشف عن المناهج لدى مفكري الإسلام يعتبر بالإضافة إلى قيمته التاريخية أفضل مدخل للتراث الإسلامي في جملته؛ فهو الذي يوضح الخطوات القياسية أو الاستقرائية التي اتبعها المفكرون والعلماء المسلمون في مختلف أوجه النشاط التي مارسوها سواء كانت نظرية أم تجريبية)) (?).
ـ الثالث: أن هناك علاقة بين أقوال العلماء ومناهجهم، فـ ((في نظم كل كلام وفي ألفاظه، ولابد، أثر ظاهر أو وسم خفي من نفس قائله، وما تنطوي عليه من دفين العواطف والنوازع والأهواء من خير وشر أو صدق وكذب = ومن عقل قائله، وما يكمن فيه من جنين الفكر، من نظر دقيق، ومعان جلية أو خفية، وبراعة صادقة، ومهارة مموهة، ومقاصد مرضية أو مستكرهة)) (?).
وكانت الخطوة التالية: مَن من العلماء يمكن أن يختاره الباحث لدراسة أقواله النحوية ومنهجه؟ وكان شغف د. الطويل بأبي العلاء دافعا آخر لاختياره
للدراسة، وزاد من اقتناع الباحث بهذا الاختيار ((قلة الإشارة إلى جهده في الدرس اللغوي فيما كتب عنه هنا وهناك)) (?) على الرغم من أن حظ أبي العلاء من الدراسة عظيما؛ فأثار ما أثار من جدل ومناقشة في الشرق والغرب، وأخذ العلماء والباحثون ـ منذ القدم وحتى اليوم ـ في الكتابة فيه وعنه.
وكان من قدر الله أن اطلع الباحث على مقال بمجلة فصول بعنوان ((خصائص الشروح العربية على ديوان أبي تمام)) للأستاذ الهادي الجطلاوي، فعلم الباحث أن الديوان له شروح كثيرة جمعها التبريزي في شرح واحد منها شرح لأبي العلاء؛ فعزم الباحث على اختيار هذا الشرح ليكون منطلقا لدراسة أقوال أبي العلاء النحوية ودراسة منهجه.