الحمد لله وحده لاشريك له، حمدًا توجبه سوابغ نعمه، وصلى الله على نبينا محمد وسلم تسليما كثيرا،
ثم أما بعد:
فقد شُغِف الباحث بالنحو حبا منذ فترة طويلة، وتمنى أن يكون له إسهام في دراساته ولو بقدر بسيط، وتعَمَّق هذا الحب خلال سنوات الدراسة. وفي السنة التمهيدية أضاف أستاذنا د. محمد الطويل إلى هذا الحب حبًا آخر، هو حب البحث عن مناهج العلماء، فقد أشار في محاضراته إلى قلة الدراسات في هذا الجانب، وإلى إغفال الدارسين له؛ فعقد الباحث العزم أن يكون موضوعه جامعا بين
جانبين: جانب الدراسة النحوية، وجانب الحديث عن المنهج.
وزاد من تحمس الباحث لهذا العزم والجمع بين الدراسة النحوية والحديث عن المنهج عدة أمور:
ـ الأول: ما قرأه الباحث لشيخنا الجليل محمود محمد شاكر في كتابه
((رسالة في الطريق إلى ثقافتنا)) من لوم وتقريع شديدين للباحث الذي لم ((يجد من وقته ساعات للتأمل والأناة والصبر للبحث عن هذا المنهج الغريب غير المألوف الذي وجده أمامه مطبقا في كتاب كامل (يقصد كتابه المتنبي) وأحس به كل منهم إحساسا خفيا دعاه إلى المعارضة أو الثناء. وهذا خذلان كبير غفر الله لنا ولهم وتجاوز عن سيئاتنا وسيئاتهم)) (?). فكان هذا اللوم والتقريع لافتين انتباه الباحث لأهمية البحث عن مناهج العلماء، خاصة إذا علمنا أنه ليس من وكد العالم ((أن يبدأ أول كل شيء فيُفيض في شرح منهجه في القراءة والكتابة = وإلا يفعل، كان مقصرا تقصيرا لا يُقبل منه بل يرد عليه = ثم يكتب بعد ذلك ما يكتب ليقول للناس: هذا هو منهجي، وها أنذا قد طبقته. هذا سخف مريض غير معقول، بل عكسه هو الصحيح المعقول)) (?).