قوله نجار، يعني عليك سمة يُعرفون بها.
فأجابه الفرزدق فقال:
أعَرَفتَ بين رُوَيّتينِ وحنْبَل ... دِمَناً تَلوحُ كأنها الأسطارُ
رويّتين وحنبل موضعان معروفان. والدمن ما دمّن، إذا نزلوا من الرماد والبعر، وما سوّدوا في
مقامهم من طبيخ وغيره. وقوله تلوح، يقول ترى ذلك بيناً. والأسطار الأثر الخفي، قد درسته الأمطار
وطول الزمن. وقال: هي رويّة واحدة فثنّاها. وأنشد:
هل تَذكُرونَ غَداةَ تُطرَدُ سَبيكُمْ ... بالصمد بَين رُوَيّة وطِحالِ
لَعِبَ العَجاجُ بكُلّ معرفَة لها ... ومُلثّةُ غَبَياتُها مِدرارُ
ويروى لعب الرياح. وقوله لعب العجاج يريد اختراق الرياح. والملثة يريد دوام مطرها أياماً. يقال
قد ألثّ المطر، وذلك إذا دام أياماً لا يُقلع. والغبية المطر الشديد ساعة ثم يقلع.
فعَفتْ مَعالِمها وغيّر رَسمَها ... ريحُ تَروّحُ بالحصى مِبكارُ
ويروى درست وغيّرَ كل معرفة لها ريحٌ. قال أحمد بن عبيد: يقال عفا الشيء وعفا غيره. وقوله
فعفت معالمها، يريد عفّته. يقول ذهّبته فخُفف لحال الوزن. قال: والرسم آثار الديار. ثم قال: تروّح
بالحصى، يقول: هذه الرياح تروّح على هذا الرسم بالحصى. مبكار أي هذه الريح تبكر الحصى
فتلقيه على هذه الرسوم فتُعفيه، أي تدرسه بكرة وعشية.
فترى الأثافي والرمادَ كأنهُ ... بَوٌّ عليهِ رَوائِمٌ أظفارُ