قال أبو عبيدة: فحدثني هبيرة عن أبي نعامة، قال: فلما رجع إياس إلى قومه، وقد حمل دماء أولئك
الازد وربيعة قالوا: لا مرحباً، والله لتحملنّ لهم دماءهم ولتطلّن دماؤنا، فأين دماؤنا؟ قال: فأنا أحمل
دماءكم أيضا. فحملها فرضوا، وذلك في أوائل ذي القعدة سنة أربع وستين، وفي ذلك يقول القلاخ بن
حزن:
ثمّ بعثنا لهمْ إياسا ... حمّالَ أثقالٍ بِها قِنْعاسا
إذا أردنا أنْ يَريسَ راسا
يريس يتبختر في مشيته، ولو كان من الرئاسة لكان يرأس. وعمد عمر إلى ما حمل لهم الغد فبعث
به إلى الأزد ولم يُدرك ذلك الزمان، يذكر ما ضوعف من دية مسعود وتعجيلها، ويزعم إنما أدركوا
ذلك بمالك بن مسمع:
قَتلنا بقتلى الأزدْ قتلى وضُوعفَتْ ... دياتٌ وأهدَرنا دماء تميمِ
بعَشر ديات لابنِ عمرو فوُفيّتْ ... عِيانّا ولم تجعل ضمارَ نُجومِ
نَزَلْتُمْ على حُكمْ الأغَرّ بنِ مسمع ... على حُكمِ طلاّبِ التّراثِ غَشومِ
يعني بقوله أهدرنا دماء تميم. يقول: لم يحملها منا ولا من الأزد حامل في أعطياتنا، ولم نقم بها لهم
كما قام إياس لنا، ولم نرهنهم كما ارتهنا منهم. قال: ونُدّم الأحنف فندم وقال: كلمّوا إياس يردها علي
ويجعلها إلي، قال: فأتوا إياساً فكلموه في ردها على الأحنف، فقال: دعوني حتى أرى في ذلك. قال:
فلما أمسى، كتب من تحت الليل إلى العرفاء، ومن كان له عنده اسم من أولياء القتلى برقعة: أن
اغدوا إلى حقّكم بالغداة. قال: فغدا الناس، فأتى بهم بيت المال، فأعطى كل ذي طائلة بطائلته من
الفريقين، قال: والناس مجتمعون بعد على عبد الله بن الحارث الهاشمي، قال: والدليل على ذلك، أن
أهل البصرة إنما كتبوا إلى عبد الله بن الزبير بطاعتهم له، حين سكنت الفتنة في ذي القعدة سنة أربع
وستين، قال: فكتب عبد الله بن الزبير - رضي الله