الآخرين فأخبراهم برضا الأحنف، وقالا لهم: ارجعوا، فقالوا إنما يُربّثنا الأحنف، فلما رأى ذلك

عبد الله بن حكيم بن زياد بن حوي بن سفيان بن مجاشع بن دارم، وهو أحد القرينين، أتاهم فقال: أنا

في أيديكم رهينة بوفاء الأحنف لكم، فارتهنوه، ورضوا وتراجع الناس، ففي ذلك يقول الفرزدق يفخر

على جرير في كلمته التي قالها:

ومنا الذي أعطى يَدَيه رَهينةً ... لغارَيْ مَعَدّ يومَ ضربِ الجماجِم

رأتنا مَعَدٌ يومَ شالَتْ قُرومُها ... قياماً على أقتارِ إحدى العَظائمِ

رأونا أحقّ ابني نزار وغيرها ... بِإصلاح صَدع بينهمْ مُتفاقِمِ

حقَنّا دماء المسلمينَ فأصبحتْ ... لنا نعمةُ يُثنَى بها في المواسِمِ

عشيّة أعطَتنا عُمانُ أمورَها ... وقُدْنَا مَعَدّا كُلّها بالخَزائِمِ

فقال أبو عبيدة: فحدثني هبيرة بن حدير عن مبارك بن سعيد بن مسروق، أخي سفيان الثوري، عن

إسحاق بن سويد، قال: فبدأ الأحنف فأتاهم، فحمد الله، ثم قال: وأما بعد يا معشر الأزد وربيعة، فإنكم

إخواننا وأخوالنا في الإسلام، وشركاؤنا في الصهر، وجيراننا في الدار، ويدنا على العدو، ووالله لأزد

البصرة، أحب إليّ من تميم الكوفة، ولأزد الكوفة أحبّ إليّ من تميم الشام، فإذا استشرت شأفتكم -

يعني هاجت كما يهيج الشرى - وحميت جمرتكم، وأبى حسك صدوركم، ففي أموالنا وأحلامنا سعة

لنا، ولكن قد رضيتم أن نحمل هذه الدماء في بيت المال من أعطياتنا، قالوا قد رضينا يا أبا بحر،

قال: قد رضيتم، قالوا نعم.

قال أبو عبيدة: ألا ترى أن ربيعة والأزد الطالبون، وأن القتلى منهم أكثر، وزعم أبو نعامة العدويّ،

أن مما حُمِل حُمِل، خمسون ألف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015