وبيتي إلى جنب الثريا فناؤهُ ... ومنْ دونهِ البدرُ المُضيء كواكبهْ
أنا ابنُ الجبال الشمّ في عدد الحصى ... وعِرقَ الثرى عرقي فمن ذا يحاسبهْ
أنا ابنُ الذي أحيى الوئيدَ وضامنٌ ... على الدهرِ إذْ عزّتْ لدهر مكاسبهْ
وكمْ منْ أب لي يا مُعاويَ لمْ يكنْ ... أغرّ يُباري الريحَ ما أزوَرّ جانبهْ
نمتهُ فروعُ المالكينِ ولمْ يزلْ ... أبوكَ الذي منْ عبدِ شمس يُقاربهْ
تراهُ كنصلِ السيفِ يهتزُ للنّدى ... كريماً تلقّى المجدَ ما طرّ شاربهْ
طويلُ نجادِ السيفِ مُذْ كانَ لم يكنْ ... قُصيّ وعبدُ الشمسِ ممنْ يخاطبهْ
فرد ثلاثين ألفاً على ورثته. فكان هذا أيضاً قد أغضب زياداً عليه. قال: فلما استعدت عليه نهشل،
ازداد عليه غيظاً، فطلبه فهرب، فأتى عيسى ابن خصيلة بن مغيث بن نصر بن خالد البهزي، أحد
بني سُليم والحجّاج بن عِلاط بن خالد السّلمي.
قال أبو عبيدة: فحدثني أبو موسى الفضل بن موسى بن خصيلة، قال: لما اطرّد زياد الفرزدق، جاء
إلى عمي عيسى بن خصيلة ليلا، فقال يا ابا خُصيلة: إن هذا الرجل قد أخافني، وإن صديقي وجميع
من كنت أرجوه، قد لفظوني، وإني أتيتك لتُغيّبني عندك، فقال: مرحبا بك. فكان عنده ثلاث ليال، ثم
قال له: قد بدا لي أن ألحق بالشأم. قال: ما أحببت إن أقمت ففي الرحب والسعة، فإن شخصت فهذه
ناقة أرحبية أمتّعك بها. قال فركب بعد ليل، وبعث عيسى معه حتى جاوز البيوت. قال: وأصبح وقد
جاوز مسيرة ثلاث ليال فقال الفرزدق في ذلك:
كفاني بها البهزيٌ حملانَ مَنْ أبيَ ... مِنَ الناس والجاني تخافُ جرائمهْ