الحُتات سبعين الفا، فلما كانوا في الطريق، سأل بعضهم بعضاً، فأخبروا بجوائزهم، فرجع الحُتات إلى معاوية،
قال: ما ردّك يا ابا مُنازل؟ قال: فضحتني في تميم، أما حسبي بصحيح، أم لست ذا سنّ، أم لست مطاعاً في
عشيرتي؟ قال: بلى، قال: فما بالك أخسست بي دون القوم؟ فقال إني اشتريت من القوم دينهم،
ووكلتك أنت إلى دينك ورأيك في عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وكان عثمانيا فقال له: وأنا
فاشتر مني ديني. فأمر له بتمام الجائزة للقوم، وطُعن في جهازه، فمات، فحبسها معاوية. فقال
الفرزدق في ذلك:.
أبوكَ وعمي يا مُعاويَ أورَثا ... تُراثاً فيحتازُ التراثُ أقاربهْ
فما بالُ ميراثِ الحُتاتِ أخذتَهُ ... وميراثُ حربٍ جامدٌ لكَ ذائبهْ
فلو كان هذا الأمرُ في جاهلية ... علمتَ منِ المرء القليلُ حلائبهْ
ولو كان في دين سوى ذا شنئتمُ ... لنا حقنا أو غصّ بالماء شاربهْ
وقدْ رُمتَ أمرا يا معاوي دونهُ ... خياطِفُ علوَدٍ صِعابٍ مراتبهْ
وما كنتُ أعطي النصفَ عن غيرْ قُدرةٍ ... سواكَ ولو مالتْ عليّ كتائبه
ألستُ أعزّ الناسِ قوماً وأسرةً ... وأمنعهمْ جاراً إذا ضيمَ جانبهْ
وما ولدتْ بعدَ النبيّ وأهلهِ ... كمثلي حصانُ في الرجال يُقاربهْ
أبي غالبُ والمرء صعصعةُ الذي ... إلى دارمٍ ينمي فمن ذا يناسبهْ