القول.
قال: وكان جرير والفرزدق تحاكما إلى الصلتان العبدي، ففضل الفرزدق بقومه، وفضل جريراً
بشعره، وهو حيث يقول:
أتَتني تميمٌ حيثُ ضلّتْ حُلومُها ... لأحكم فيها بالذي أنا سامعُ
فيا شاعراً لا شاعرَ اليومَ مثلُهُ ... جريرٌ ولكنْ في كُليب تواضُعُ
ويرفعُ من شعر الفرزدقِ أنه ... يَنوء ببيتٍ للخَسيسَة رافعِ
فإن يكُ بحرُ الحَنظليّينَ زاخِرا ... فما تستوي حيتانُهُ والضفادعُ
فغضب جرير حين فضل بني مجاشع على بني كليب، ورضي الفرزدق بذلك.
قال أبو عبيدة: وإنما أحبّت قيس جريراً لأنه يفخر بهم، وإنما أحب الفرزدق بنو تميم، لأنه كان
يفخر بهم، ويذكر ما لا يُعرف، فأحبوه لذلك. وقال الفرزدق:
أنا ابنُ خِندف والحامي حَقيقَتها ... قد جَعلوا في يميني الشمسَ والقمرا
ولم يجعل الله ذلك لأحد وقال وهو يفخر:
إنّ السماء التي مِن دارِم خُلقَت ... والأرضَ كانا لنا دونَ الأعزّاء