. . . ... ياء كالكرسي زيدت للنسب
فالعلوم تؤتى من أبوابها، ولا يترك المجال للاجتهادات، هناك قواعد تضبط هذه الأمور، وكون العلماء يختلفون في شيء لا يعني أنه يترك الحبل على الغارب يعني يقول من شاء ما شاء، هذا ضياع، هذا ضياع.
"الرباني" منسوب إلى الرب، أو إلى التربية، إما لأنه يربي الناس، أو لأنه مطيع لربه فاعل لأوامره مجتنب لنواهيه، معتن بخلقه، وقيل في الرباني: أنه الذي يتعلم ثم يعمل ويعلم، فالمتعلم والمعلم هذا رباني، وعن ابن عباس أنه الذي يعلم الناس بصغار العلم قبل كباره، يعلم الناس بصغار العلم قبل كباره، وعلى هذا عليه أن يتدرج مع الطلاب من الصغر إلى أن يكبروا، فيعلمهم المتون الصغيرة ويحفظهم إياها، ويشرحها لهم بالطريقة المناسبة لاستيعابهم، وعقولهم ثم يتدرج إلى ما هو أكبر منها، ثم إلى ما هو أكبر، ويكون نظره إلى مصلحة الطالب لا إلى مصلحة نفسه؛ لأن بعض من يتصدى للتعليم ينظر إلى مصلحته، يأتي مجموعة من الطلاب يطلبون منه درساً فلا ينظر إلى مصلحتهم وما يناسبهم، بل ينظر إلى مصلحته هو، هو يحتاج هذا الكتاب، بغض النظر هل يستفيدون منه أو لا يستفيدون، هذا ليس برباني، هذا متعلم، هذا متعلم يريد أن يتعلم من قراءته في هذا الكتاب، لكن الذي ينظر إلى مصلحة الطالب ويوجهه إلى ما يفيده وينفعه ويناسبه هذا هو الرباني.
أيضاً لو قدر أن شخصاً يعلم الطلاب، نظر إلى هؤلاء المجموعة فوجدهم من المبتدئين، أو المتوسطين، وأراد أن يرفع من هممهم وينهض، فجعل درساً في علل الدارقطني، وآخر في موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول لشيخ الإسلام، در التعارض، هذا نصح للطلاب وإلا ما نصح؟ والله ما نصح للطلاب، وهؤلاء الطلاب المجزوم به أنهم سوف يتركون الطلب، فعليه أن يتدرج بهم ينظر فيما يحتاجون يتلمس حاجاتهم ويعلمهم إياها.
قد يقول قائل: إن بعض الشيوخ لا يستطيع أن ينزل بطريقته وأسلوبه إلى صغار المتعلمين، هل هو من هذا النوع؟ نقول: إذا لم يقم بحاجة صغار المتعلمين لا بد أن ينزل، إذا لم يقم بها أحد، وإذا وجد من يعينه عليها ويقوم بها ويكفيه إياها لا مانع أن يعلم من فوقهم بطريقته وأسلوبه الذي يراه نافعاً.