الفاء: هذه واقعة في جواب، أو في خبر الجازمون، وأل هنا، أل هذه الموصولة، أل الموصولة، الذين يجزمون، والموصول فيه شوب من الشرط، الذي يقوم فله كذا، الذي يقوم فله كذا، كأنك قلت: من قام فله كذا، وكأن الناظم قال: من جزم من عوام البشر فهو مسلم، "فمسلمون عند أهل الأثر"، وهؤلاء هم العمدة في هذا الباب وهم المعول عليهم الذين يعتمدون الآثار يعتمدون الأثر والنص، وليس المعول على أهل الكلام الذين قدوتهم الفلاسفة المتقدمون من يسمونهم بالحكماء، لا، ينبغي أن يكون عمدة هذا الفن من أوله إلى آخره النص، والأثر، فإذا كانت، إذا كان المعول في العبادات والمعاملات على الأثر، وهذا هو الأصل فيها، والاجتهاد فرع عن الأثر، والقياس على ما جاء في الأثر يعني إذا جاز التوسع في أبواب الدين الأخرى فلأن يقتصر في هذا الباب الذي هو باب الاعتقاد على ما جاء في الأثر هذا هو المتعين، وإذا كان الأمر كذلك فالمعول عليه في هذا الباب هم أهل الأثر.
يقول النووي: الآتي بالشهادتين مؤمن حقاً وإن كان مقلداً، الآتي بالشهادتين مؤمن حقاً وإن كان مقلداً، على مذهب المحققين والجماهير من السلف والخلف، وقد تظاهرت بذلك الأحاديث الصحاح التي يحصل بمجموعها التواتر والعلم القطعي.
الآن أهل الكلام، أول ما يجب على المكلف النظر، أو القصد إلى النظر، أو الشك، يعني لو أجبنا مثل هذا على العوام، وقلنا: إنه لا يصح إيمان المقلد إلا بالنظر، يعني ما قلنا على وجه الأرض عامي مسلم، لأخرجنا جميع العوام من دائرة الإسلام، وهذا كلام لا يمكن أن يقوله عاقل إطلاقاً، فعوام المسلمين حتى في عصره -عليه الصلاة والسلام- لا يعرفون التفصيلات، امرأة عبد الله بن رواحة لما سمعت بالشعر ظنته قرآناً، فكيف تكلف مثل هذه بهذه المقدمات الكلامية؟
خواص المسلمين قد يصعب عليهم بعض هذه المقدمات، لا شك أن هذا التكليف لا أصل له في الشرع، ولا يسنده عقل، فهو قول محدث باطل، مردود، فعوام المسلمين مسلمون مؤمنون، ولو لم يصلوا إلى هذه المسائل وهذه الأقوال باجتهاداتهم.
عوام المسلمين يكفيهم الإيمان الإجمالي دون تفاصيل؛ لأنهم لا يطيقون هذه التفاصيل، وقد لا يستوعبونها، وقد لا يستوعبونها، ويبقى أن بحث هذه الدقائق من خاصة أهل العلم، وطلاب العلم.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.