الصفار، فَجَلَسَ ينْسَخ جزأ كَانَ مَعَه، فَقَالَ لَهُ بعض الْحَاضِرين: لَا يَصح سماعك، وَأَنت تنسخ، فَقَالَ: فهمي للإملاء خلاف فهمك، ثمَّ قَالَ: تحفظ كم أمْلى الشَّيْخ من حَدِيث إِلَى الْآن؟ فَقَالَ الدَّارَقَطُني: أمْلى ثَمَانِيَة عشر [222 - ب] حَدِيثا، فَوجدت كَمَا قَالَ، ثمَّ قَالَ: الحَدِيث الأول مِنْهَا عَن فلَان عَن فلَان، وَمَتنه كَذَا، وَلم يزل يذكر أَسَانِيد الْأَحَادِيث على ترتيبها فِي الْإِمْلَاء حَتَّى أَتَى إِلَى آخرهَا، فَعجب النَّاس مِنْهُ.
(أَو حَدِيث) أَي تَكَلُّمٍ بِكَلَام مَا، مِمَّا يمْتَنع مَعَه الْفَهم.
(أَو نُعَاس) وَهُوَ مُقَدّمَة النّوم الْمُسَمّى بِالسنةِ بِكَسْر السِّين، وَهُوَ نوم ضَعِيف غير مُخِل غَالِبا، فَلَا يكون قادحاً من الفَطِن، وَهَذَا التَّفْصِيل ذكره ابْن الصّلاح وَذهب الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الأسْفِراييني، وَإِبْرَاهِيم الحَرْبي وَغير وَاحِد من الْأَئِمَّة إِلَى منع الصِّحَّة مُطلقًا، وَهُوَ الْأَحْوَط ويقويه أَن الحكم للْأَكْثَر والأغلب، وَذهب مُوسَى بن هَارُون الحَمَّال إِلَى الصِّحَّة مُطلقًا، وَهُوَ بعيد جدا خُصُوصا حَال النّسخ إِلَّا نَادرا كَمَا سبق، وَقد رَأَيْت بعض مشايخي كَانَ يعلم الصغار، وَكَانُوا قَرِيبا من ثَلَاثِينَ، وَكَانَ يكْتب الْقُرْآن غيباً، ويُقْرِئهم، ويستمع لَهُم، وَذكر أَنه مَا وجدَ غَلطا فِي / 153 - ب / مصحفه الْمَكْتُوب تِلْكَ الْحَالة من أول الْقُرْآن إِلَى سُورَة الشُّعَرَاء.
(وَصفَة إسماعه) أَي إسماع الشَّيْخ، أَو الحَدِيث للْغَيْر.
(كَذَلِك) أَي بِأَن لَا يتشاغل بِمَا يخل بِهِ من نَسْخ، أَو حَدِيث، أَو نُعَاس على الِاخْتِلَاف الْمَذْكُور حَتَّى لَو لم يُجِلَّ بِهِ يَصح الإسماع كالنعاس الْخَفِيف، وَلِهَذَا كَانَ