فَلَا بُد من الْإِجَازَة، وَمنع قوم رِوَايَة الصَّبِي مُطلقًا. قَالَ الْعِرَاقِيّ: وَهُوَ خطأ مَرْدُود عَلَيْهِم لِأَن الحَسَنْينِ وَغَيرهمَا مِمَّن تحمل فِي حَال صباه، وقَبِل النَّاس روايتهم من غير / 150 - ب / فرق بَين مَا تَحملُوهُ قبل الْبلُوغ وَبعده، وَكَذَلِكَ كَانَ أهل الْعلم يُحضرون الصّبيان مجَالِس الْعلم ويَعْتَدُّون بروايتهم لذَلِك بعد الْبلُوغ. انْتهى. وَيفهم مِنْهُ أَن مُجَرّد إِحْضَار الْعلم للصبيان يسْتَلْزم اعتدادهم بروايتهم بعد الْبلُوغ وَلَو بِلَا إجَازَة، لكنه متعقب بِأَنَّهُ يُمكن أَن يكون الْحُضُور لأجل التمرين وَالْبركَة الْحَاصِلَة لأهل الْيَقِين.
(وَالأَصَح فِي سنّ الطّلب) أَي طلب علم الحَدِيث.
(بِنَفسِهِ) بالاشتغال بِكَتْبِه الحديثَ وتحصيله وَضَبطه، وَكَذَا الرحلة فِيهِ. قَالَ التلميذ: إِشَارَة إِلَى أَن الطَّالِب قد يكون بِغَيْرِهِ كالأطفال يُحْضِرُونهم الْمجَالِس.
(أَن يتأهل لذَلِك) أَي يستعد لما ذكرنَا من مُتَعَلَّقات الطّلب، لَا أَن يعرف علل الْأَحَادِيث والنكات، وَاخْتِلَاف الرِّوَايَات وَلَا أَن يعقل استنباط الْمعَانِي، [واستنباط] الدلالات، لِأَن هَذَا لَيْسَ شَرط الْأَدَاء فضلا عَن الطّلب، وَذَلِكَ يخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْخَاص، وَلَيْسَ ينْحَصر فِي سُن مَخْصُوص. وَقَالَ أَبُو عبد الله بن أَحْمد الزُّبَيْرِيّ [واسْمه الزبير] بِضَم الزَّاي، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أهل الْكُوفَة: يسْتَحبّ كتب الحَدِيث فِي الْعشْرين، وَقَالَ أهل الْبَصْرَة: فِي الْعشْرَة. وَقَالَ أهل الشَّام: فِي الثَّلَاثِينَ.