(ويرشد) أَي وَأَن يهدي (غَيره لما سَمعه،) أَي من الْعلم فَإِن كِتْمَانه لوم من فَاعله، ومذموم عَلَيْهِ صَاحبه، وَقد رُوِيَ فِيهِ وَعِيد شَدِيد من النَّبِي الْمُخْتَار صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم: " من كتم علما أُلْجِم بِلجَام من نَار ". وَإِنَّمَا يَقع فِيهِ جهلة الطّلبَة لظنهم بذلك أَنهم ينفردون بِهِ عَن أضرابهم، ويُرفعون بذلك على أقرانهم وأمثالهم، وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي تَعَالَى عَنْهُمَا: " إخْوَانِي تناصحوا فِي الْعلم، وَلَا يكتم بَعْضكُم بَعْضًا، فَإِن خِيَانَة الرجل فِي عمله أشدٌ من خيانته فِي مَاله " ورُوِي عَن مَالك قَالَ: بركَة الحَدِيث إِفَادَة بَعضهم بعضاَ. وَنَحْوه عَن ابْن الْمُبَارك وَيحيى بن مَعِين، فَإِن الْجمع بَين الْكَمَال والتكميل بِالْعلمِ والتعليم صفة الْأَوْلِيَاء والأصفياء، " وَالْعُلَمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء ". وَفِي الحَدِيث العيسوي: مَن علم وَعمل، وَعلم يدعى فِي الملكوت عَظِيما.

أَقُول: وَيُسمى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة كَرِيمًا قَالَ تَعَالَى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} وَقَالَ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " إِن علما لَا يُقَال بِهِ، ككنز لَا يُنفَق مِنْهُ ". وَلَا شكّ أنّ الْبَخِيل [كل الْبَخِيل] من لَا ينْفق مِمَّا لَا ينقص [215 - ب] بِالْإِنْفَاقِ بل يزِيد فِيهِ وَفِي غَيره بالِاتِّفَاقِ. وَمَا رُوِيَ أَنه فَعَل ذَلِك جمَاعَة من الْأَئِمَّة الْمُتَقَدِّمين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015