وَالْحَاصِل: أَن من آدَاب الشَّيْخ خَاصَّة أَنه مَتى احْتِيجَ إِلَى مَا عِنْده جلس للإسماع وجوبا إِن تعين عَلَيْهِ، أَو اسْتِحْبَابا، إِن كَانَ ثمَّ مثله، وَهُوَ الصَّحِيح فقد جلس الإِمَام مَالك للنَّاس وَهُوَ ابْن نَيف وَعشْرين سنة، وَالنَّاس متوفرون وشيوخه أَحيَاء، وَكَذَا [213 - أ] جلس الإِمَام الشَّافِعِي وَأخذ عَنهُ الْعلم فِي سنّ الحداثة بِحَيْثُ حمل عَنْهُمَا بعض شيوخهما، وَمن أسن مِنْهُمَا وأقدم عَلَيْهِمَا، وَمِمَّنْ أنكر التَّقْيِيد بسن مَخْصُوص القَاضِي عِيَاض وَبَين أَنه كم من السّلف فَمن بعدهمْ من لم ينْتَه إِلَى هَذَا السن وَنشر من الحَدِيث مَا لَا يُحْصى. وَقَالَ ابْن خَلاد: يتَصَدَّى للإسماع [إِذا بلغ الْخمسين لِأَنَّهَا انْتِهَاء الكهولة، وفيهَا مُجْتَمع الأشد، قَالَ: وَلَا يُنكر] عِنْد الْأَرْبَعين لِأَنَّهَا حد الاسْتوَاء ومنتهى الْكَمَال، وَعِنْدهَا يَنْتَهِي عزم الْإِنْسَان وقوته ويتوفر عقله. وَجمع ابْن الصّلاح بَينهمَا بِأَن [قَالَ:] مَا قَالَه ابْن خَلاد مَحَله فِي المسندين غير البارعين فِي الْعلم، فَإِنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَيْهِم إِلَّا عِنْد السن الْمعِين وَنَحْوه. وَمن نقل عَنهُ التصدي فِي الحداثة فهم البارعون الَّذين احْتِيجَ لما عِنْدهم.
(وَلَا يحدث) أَي وَلَا يَنْبَغِي أَن يحدث (بِبَلَد فِيهِ أولى مِنْهُ) بِأَن يكون مرتبته