قلت: لم يَقع المُصَنّف على علم ذَلِك، وَلم يفهم المُرَاد من قَبِل [198 - ب] هَذَا من المُصَنّف، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَن اثْنَيْنِ لم يتَّفقَا [فِي شخص على خلاف الْوَاقِع فِي الْوَاقِع، بل لَا يتفقان إِلَّا على مَن فِيهِ شائبةٌ مِمَّا اتفقَا] عَلَيْهِ انْتهى. وَالْأَظْهَر أَن مَعْنَاهُ لم يتَّفق اثْنَان من أهل الْجرْح وَالتَّعْدِيل غَالِبا على تَوْثِيق ضَعِيف وَعَكسه، بل إِن كَانَ أَحدهمَا ضَعَّفَهُ، وثَّقَهُ الآخر، أَو ثِقَة أَحدهمَا ضَعَّفَهُ الآخر، بِسَبَب الِاخْتِلَاف مَا قَرَّرَهُ المُصَنّف بِأَن يكون سببُ ضعفٍ الرَّاوِي شَيْئَيْنِ مُخْتَلفين عِنْد الْعلمَاء فِي صَلَاحِية الضعْف وَعَدَمه فَكل وَاحِد مِنْهُمَا تعلق بِسَبَب فَنَشَأَ الْخلاف، فَعلم من هَذَا التَّقْرِير أَن التلميذ لم يُصِب فِي التَّحْرِير، وَلم يُفهم المُرَاد مَعَ أَنه المطابِق لما ذكره فِي المَال، والمُفَاد.
(عِبَاراتُنَا شَتَّى وحُسْنُكَ وَاحِدٌ ... فَكُلَّ إِلَى ذَاك الجَمَالِ يُشِيرُ)
وَهَذَا الْمَعْنى هُوَ الْمُنَاسب لتعليله بقوله:
(وَلِهَذَا كَانَ مَذْهَب النَّسَائِيّ أنْ لَا يُتْرَكَ حديثُ الرجل حَتَّى يجْتَمع الْجَمِيع) أَي الْأَكْثَر.
(على تَركه) فَإِن التَّعَارُض، يُوجب التساقط، وَكَأن النَّسَائِيّ ذهب إِلَى أَن الْعَدَالَة مقدمةٌ على الْجرْح عِنْد التَّعَارُض، بِنَاء على أَن الأَصْل هُوَ الْعَدَالَة بِخِلَاف الْجُمْهُور كَمَا سَيَجِيءُ، وَبِهَذَا ينْدَفع مَا قَالَ محشِ اعتراضاً على التَّعْلِيل: فِيهِ أَن مَا يتَفَرَّع على قَول الذَّهَبِيّ إِنَّمَا هُوَ هَذَا: لَا يتْرك حَدِيث الرجل حَتَّى يجْتَمع على تَركه اثْنَان، أَو: يتْرك حَدِيث الرجل إِذا اجْتمع على تَركه اثْنَان، لَا مَا ذكره من قَوْله: