(فَلَا يقبل) بِصِيغَة الْمَفْعُول. (جرحُ مَن أفرط) من إِضَافَة الْمصدر إِلَى الْمَفْعُول، وَلَو جعل الضَّمِير فِي قَوْله: (فِيهِ) رَاجعا إِلَى الرَّاوِي الْمَذْكُور ضِمناً، وَجعل قَوْله: (فَجَرحَ) مِن وضع الظَّاهِر موضَع الضَّمِير الْعَائِد إِلَى مَن، لَكَانَ من إِضَافَة الْمصدر إِلَى الْفَاعِل، وَهُوَ الأولى لسياق الْكَلَام مِن سباقه ولحاقه. وَقَوله:
(بِمَا لَا يَقْتَضِي) مُتَعَلق ب: أفرط، وَالْمعْنَى لَا يُقبل جرحُ مَن تعدّى فِي جرح راو مِمَّن يدّعي أَنه مجرح [بِجرح] لَا يَقْتَضِي (ردا) أَي نوعا من الرَّد (لحَدِيث المحدِّث، كَمَا لَا تقبل تَزْكِيَة من أَخذ بِمُجَرَّد الظَّاهِر، فَأطلق التَّزْكِيَة) من غير تيقظ، وتحرٍ [198 - أ] ، وَتحفظ، والقائم بِهَذَا المنصب الْعَظِيم فائزٌ بالثواب الجسيم، وَالْمقَام الْكَرِيم. قَالَ السخاوي: رأى رجلٌ عِنْد موت [يحيى] بن مَعين النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَأَصْحَابه مُجْتَمعين، فَسَأَلَهُمْ عَن سَبَب اجْتِمَاعهم [أَي فِي الْمَنَام] ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم: جِئْت لأصلي على هَذَا الرجل، فَإِنَّهُ كَانَ يذُب الْكَذِب [عَن حَدِيثي] ، وَنُودِيَ بَين نعشه: هَذَا الَّذِي كَانَ يَنْفِي الْكَذِب عَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ رُؤِيَ فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ: مَا فعل الله تَعَالَى بك؟ قَالَ: غفر الله لي، وَأَعْطَانِي، وحيّاني، وزوجني حوراً وأدخلني عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ، وَقيل فِيهِ شعر:
(ذَهَبَ العليمُ بعيبِ كُلِّ مُحَدِّثٍ ... وبكلِّ مُخْتَلِفٍ من الإِسْنَادٍ)
(وبِكُلِّ وَهْمٍ فِي الحَدِيث ومُشْكِلٍ ... يُعْنَى بهِ عُلمَاءُ كُل بِلادِ)