لَهُ بعض الْأَئِمَّة بِأَنَّهُ لَو قَالَ: مَن أَخْبرنِي بِكَذَا، فَهُوَ حر، وَلَا نِيَّة لَهُ فَأخْبرهُ بذلك بعض أرقائه بِكِتَاب، أَو رَسُول أَو كَلَام، عَتَق، بِخِلَاف مَا لَو قَالَ: مَنْ حَدثنِي بِكَذَا، [فَإِنَّهُ] لَا يعْتق إِلَّا إِن شافهه، زَاد بَعضهم: والبشارة مثل الْخَبَر: انْتهى.
وَالظَّاهِر أَن مبْنى الْأَيْمَان على عُرف أهل الزَّمَان، ثمَّ إِنَّه يحْتَمل أَن يكون عرفا خَاصّا، وَأَن يكون عَاما، ثمَّ الْمُحَقِّقُونَ فرقوا بَين التبشير والإخبار بِأَن الأول هُوَ الْخَبَر السَّابِق الَّذِي أَثُرهُ يظْهر على بَشرته، فَلَو قَالَ لعبيده: من بشرني بِكَذَا، فَهُوَ حُر، فالمُخبِر الأول يعْتق لَا غير، وَلَو قَالَ: مَن أَخْبرنِي، يعْتق كل من أخبرهُ مِنْهُم. وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: " حَدثنَا " يَعْنِي فِي الْعرض بعيد من الْوَضع اللّغَوِيّ بِخِلَاف أخبرنَا، فَهُوَ صَالح لما حدّث بِهِ الشَّيْخ، وَلما قرئَ عَلَيْهِ فأقرّ بِهِ، فَلفظ الْإِخْبَار أَعم من التحديث، فَكل تحديث إِخْبَار، وَلَا ينعكس.
وَحَاصِل كَلَام الشَّيْخ أنّ العُرف مُقَدم على اللُّغَة كَمَا هُوَ مُقَرر، فَإِذا قَالَ الْمُحدث: " حدّثنا " يُحمل على السماع من الشَّيْخ، وَإِذا قَالَ: " أخبرنَا " يُحمل على سَماع الشَّيْخ.
(مَعَ أَن هَذَا الِاصْطِلَاح) وَهُوَ الْفرق، (إِنَّمَا شاع عِنْد المشارقة) أَي جُلَّهم (وَمن تَبِعَهُمْ) وَهُوَ مَذْهَب الأوْزَاعيّ، وَابْن جُرَيج، وَالْإِمَام الشَّافِعِي، وَمُسلم، بل قيل: إِنَّه مَذْهَب أَكثر الْمُحدثين مِنْهُم ابْن وَهْبٍ الْمصْرِيّ، وَالنَّسَائِيّ.
(وَأما غَالب المغاربة) أَي ومَن تَبِعَهُمْ.