السَّلَام بُعِثَ إِلَيْهِم قطعا، وهم مكلَّفون، وَفِيهِمْ العصاة والطائعون، وَلذَا قَالَ ابْن حَزْم فِي الْأَقْضِيَة من المُحَلَّى: قد أعلمنَا الله تَعَالَى أنّ نَفرا من الْجِنّ آمنُوا وَاسْتَمعُوا الْقُرْآن من النَّبِي عَلَيْهِ وَالصَّلَاة وَالسَّلَام، فهم صحابة فضلاء، وَحِينَئِذٍ يتَعَيَّن ذكر من عُرِف مِنْهُم فِي الصَّحَابَة، وَلَا الْتِفَات لإنكار ابْن الْأَثِير على أبي مُوسَى المَديني تَخْرِيجه فِي الصَّحَابَة لبَعض من عَرَفه مِنْهُم، فَإِنَّهُ لم يسْتَند فِيهِ إِلَى حجَّة.

(وَمَات على الْإِسْلَام) أَي إِجْمَاعًا، (وَلَو تخللت) وصلية، (رِدَّة) أَي ارتداد وَكفر (فِي الْأَصَح) أَي على مُقْتَضى مَذْهَب الشَّافِعِي، وَمن تبعه من أَن الارتداد لَا يبطل الْأَعْمَال إِلَّا بِمَوْتِهِ على الْكفْر.

وَأما فِي مَذْهَبنَا الْمُقَرّر من أَن الرِّدَّة تبطل ثَوَاب جَمِيع الْأَعْمَال وَلَو رَجَعَ إِلَى / 101 - ب / الْإِسْلَام، وَأَنه يجب عَلَيْهِ إِعَادَة الْحَج فَإِنَّهُ فرض عمري، فَتبْطل صحبته بِالرّدَّةِ، فَلَا يكون صحابياً إِلَّا أَن حصلت لَهُ رُؤْيَة ثَانِيَة، وَعَلِيهِ الإِمَام مَالك وَسَيَأْتِي زِيَادَة بَيَان لهَذَا، / وَالْعجب من شَارِح حَنَفِيّ مَشْهُور بِأَنَّهُ عَلاَّمة حَيْثُ لم يعرف مذْهبه، وَقَالَ: أَي على [145 - أ] الْأَصَح الَّذِي ذهب إِلَيْهِ الْجُمْهُور من الْمُحدثين والأصوليين وَغَيرهم. قَالَ: وَقد ذكر المُصَنّف قيدا لَا بُد مِنْهُ وَلم يذكرهُ الْجُمْهُور وَهُوَ قَوْله: " مَاتَ على الْإِسْلَام " لِئَلَّا يلْزم أَن يكون من مَاتَ على الرَّدة معدوداً من الصَّحَابَة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015