(فَقيل: يُردُّ مُطلقًا) أَي سَوَاء كَانَ دَاعيا إِلَى بدعته أوْ لَا، وَسَوَاء كَانَ مُعْتَقدًا حل الْكَذِب لنصرة مقَالَته أم لَا. وَهَذَا القَوْل محكي عَن مَالك وَغَيره، لِأَنَّهُ فَاسق ببدعته. وَاتَّفَقُوا على رد الْفَاسِق بِغَيْر تَأْوِيل، فَيلْحق بِهِ المتأوِّل إِذْ لَا يَنْفَعهُ التَّأْوِيل.
(وَهُوَ بعيد) قَالَ ابْن الصّلاح: وَهُوَ بعيد مباعد للشائع عَن أَئِمَّة الحَدِيث، فَإِن كتبهمْ طافحة بالرواية عَن المبتدعة غير الدعاة. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ كثير من أَحَادِيثهم فِي الشواهد وَالْأُصُول. انْتهى. وَلَا يبعد عدم اطلَاع الْمُحدثين على بدعتهم وهم معذورون فِي ذَلِك لخفاء مَا فِي [128 - ب] الْبَاطِن من اعْتِقَاد السوء، وَالْحكم بِالظَّاهِرِ من مُلَازمَة التَّقْوَى. /
(وَأكْثر مَا عُلِّلَ بِهِ) أَي أَكثر مَا يُقَال فِي تَعْلِيله والاستدلالِ عَلَيْهِ، (أَن فِي الرِّوَايَة عَنهُ) أَي عَن المبتدع، (ترويجاً لأَمره وتنويهاً) أَي تفخيماً (بِذكرِهِ) أَي وَهُوَ وَاجِب الإهانة، واعتُرض عَلَيْهِ بِأَن هَذَا دليلٌ وَاحِد، فَمَا معنى كثرته فضلا عَن أكثريته؟ ! وَأجِيب بِأَن أكثريته بِاعْتِبَار كَثْرَة المستدلين، وَكَثْرَة استدلالاتهم وتلفظهم فِيمَا بَينهم، فَلَو قَالَ: - بدل قَوْله: أَكثر - أقوى، لَكَانَ أولى (وعَلى هَذَا) إِشَارَة إِلَى الِاعْتِرَاض على مَا علل.
(فَيَنْبَغِي أَن لَا يُروى عَن مُبْتَدع شَيْء يُشَارِكهُ فِيهِ غير مُبْتَدع) وَفِيه أَن هَذَا قد يجوز لأجل التقوية كَمَا فِي التوابع والشواهد، وَلَعَلَّ مَا وَقع فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من هَذَا الْقَبِيل، بِخِلَاف غَيره.