وَالنَّوْع الآخر مَا يَقع فِي الشُّيُوخ، [وَهُوَ] أَن يروي عَن شيخ سَمعه فيسميه، أَو يكنيه، أَو ينْسبهُ، أَو يصفه بِمَا لَا يعرف بِهِ، كي لَا يعرف. وَالنَّوْع الأول مَكْرُوه جدا، وَكَأَنَّهُ لذَلِك اقْتصر عَلَيْهِ. هَذَا، وَقيل: تَعْرِيفه الْخَارِج من التَّقْسِيم يصدق على الْأَقْسَام الْحَاصِلَة من التَّقْسِيم الأول. بِنَاء على ظَاهره، فإمَّا أَن يلْتَزم التصادق، ويدعى أَن التغاير اعتباري، أَو يُقيد كل مِنْهُمَا بِمَا لَا يُوجد فِي الآخر لتباين الْأَقْسَام.
(سمي) أَي الْقسم الثَّانِي، (بذلك) أَي بالمدلس، (لكَون الرَّاوِي لم يسم من حَدثهُ، وأوهم سَمَاعه للْحَدِيث مِمَّن لم يحدثه) أَي (بِهِ) .
وَمِنْه التَّدْلِيس فِي البيع، يُقَال: دلّس فلَان على فلَان، أَي ستر عَنهُ الْعَيْب الَّذِي فِي مَتَاعه، كَأَنَّهُ أظلم عَلَيْهِ الْأَمر. وَهُوَ فِي الِاصْطِلَاح رَاجع إِلَى ذَلِك من حَيْثُ إِن من أسقط من الْإِسْنَاد شَيْئا، فقد غطى ذَلِك الَّذِي أسْقطه، وَزَاد فِي التغطية لإتيانه بِعِبَارَة موهمه، وَكَذَا تَدْلِيس / 67 - ب / / الشُّيُوخ، فَإِن الرَّاوِي يُغطي الْوَصْف الَّذِي بِهِ يعرف الشَّيْخ، أَو يُغطي الشَّيْخ بوصفه بِغَيْر مَا اشْتهر بِهِ، كَذَا حَقَّقَهُ البقاعي، وَبِه يَتَّضِح قَول المُصَنّف.
(واشتقاقه) أَي أَخذ المدلس (من الدلس - بِالتَّحْرِيكِ -) أَي بتحريك الْأَوَّلين، (وَهُوَ اخْتِلَاط الظلام [93 - ب] أَي (بِالنورِ) كَمَا يكون فِي أول