(بِلَفْظ: " فَإِن غُمّ عَلَيْكُم ") أَي هِلَال رَمَضَان، (فاقْدِرُوا) بِضَم الدَّال، وَكسرهَا وَقيل: الضَّم خطأ. يُقَال: قَدر الشَّيْء قَدْراً بِالتَّخْفِيفِ أَو قدّرَه بِالتَّشْدِيدِ قَالَ تَعَالَى: {فقدرنا فَنعم القادرون} كَذَا فِي " شمس الْعُلُوم ".
فَالْمَعْنى: قدَّروا (لَهُ) - أَي لأجل تَحْقِيق هِلَال رَمَضَان - عَدد أَيَّام شهر شعْبَان، حَتَّى تكملوه ثَلَاثِينَ يَوْمًا، ثمَّ صُومُوا لرمضان وَلَو لم تروا هلاله حِينَئِذٍ بغيم وَنَحْوه. إِذْ الْمَقْصُود من الرُّؤْيَة الْعلم اليقيني، وَهُوَ إِمَّا بِرُؤْيَة الْهلَال عِنْد نُقْصَان الشَّهْر، وَإِمَّا بِحُصُول كَمَال الشَّهْر.
وَحَاصِل مَعْنَاهُ: أَتموا شهر شعْبَان ثَلَاثِينَ، فيوافق قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " فأكملوا العِدَّةَ ثَلَاثِينَ " فِي الْمَعْنى. وَقيل مَعْنَاهُ قدِّروا لَهُ منَازِل الْقَمَر، فَإِنَّهُ يدُلكم على أَن الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ، أَو ثَلَاثُونَ. قَالَ ابْن شُرَيْح: هَذَا خطاب لمن خصّه الله تَعَالَى بِهَذَا الْعلم، وَقَوله: " فأكملوا الْعدة " خطاب للعامة الَّتِي لم تُعنَ بِهِ، كَذَا فِي " النِّهَايَة " وَنَقله عَنهُ محش.
أَقُول: قَول ابْن شُرَيْح وَمن سبقه وَتَبعهُ باطلٌ، لمُخَالفَة الْإِجْمَاع على عدم الِاعْتِمَاد بقول المنجمين وَلَو اتَّفقُوا على أَنه يرى، لقَوْله تَعَالَى مُخَاطبا لخير أمة أخرجت للنَّاس خطابا عَاما: {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} وَلقَوْله عَلَيْهِ