أَن يَأْتِي بِالْمَتْنِ وَيَقُول: بتفاوت هَذِه الْأَوْصَاف، ثمَّ يَقُول: أَي بِسَبَبِهَا، أَو يَقُول: بِهَذِهِ الْأَوْصَاف، ثمَّ يَقُول: أَي بتفاوتها، وَهَذَا أَمر سهل. وَالْمرَاد بالأوصاف: الْعَدَالَة، والضبط، وَغَيرهمَا. (الْمُقْتَضِيَة للتصحيح فِي الْقُوَّة) مُتَعَلق بالتفاوت.
قَالَ الْمحشِي: ظَاهر كَلَامه مشْعر بِأَن كل وَاحِد من هَذَا الْأَوْصَاف قَابل للقوة والضعف، وَفِي كَون تَامّ الضَّبْط وَعدم الشذوذ كَذَلِك نظر يعرف بِالتَّأَمُّلِ. وَقَالَ التلميذ: لَا أعلم بعد التَّمام رُتْبَة، وَدون التَّمام لم يُوجد الْحَد، فليُطْلَب لتصوير هَذِه الأوصَاف، وَكَيف تَتَفَاوَت.
قلت: قد تقدم أَن المُرَاد بالتمام تمامٌ نوعيٌ لَا شخصي، وَلذَا يُقَال: هَذَا أتمُّ من ذَلِك سَوَاء يُطلق هَذَا حَقِيقَة، أَو مجَازًا. وَلَا شكّ فِي تحقق تفَاوت مَرَاتِب الْعَدَالَة، والضبط بَين أَفْرَاد نوع الْإِنْسَان من الْعُدُول، والضابطين من الصَّحَابَة، وَالتَّابِعِينَ، وَبَقِيَّة السّلف، وَالْخلف من الْعلمَاء العاملين [رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ] بل صَار كالبديهي التَّفَاوُت بَين البُخَارِيّ وَابْن مَاجَه مثلاُ فِي الضَّبْط وَبَين مَالك وَالنَّسَائِيّ فِي ظُهُور الْعَدَالَة.
(فَإِنَّهَا) أَي الْأَوْصَاف [45 - أ] . (لما كَانَت) أَي بِنَفسِهَا. (مفيدةً لغَلَبَة الظَّن الَّذِي عَلَيْهِ) أَي على الظَّن. (مدَار الصِّحَّة) نقل تِلْمِيذه أَن المُصَنّف قَالَ: الْغَلَبَة لَيست بِقَيْد، وَإِنَّمَا أردْت دفع توهم إِرَادَة الشَّك لَو عبرت بِالظَّنِّ. انْتهى. وَلَا شكّ أنّ الْغَلَبَة قيدٌ مُعْتَبر لكنه من مَفْهُوم الظَّن إِذْ لَا يُطلق غَالِبا إِلَّا على الطّرف الرَّاجِح بِاعْتِبَار مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ، وَلَكِن قد يُطلَق مجَازًا وَيُرَاد بِهِ