حَاجَة إِلَيْهِ، وَأَنت تعلم أنّ هَذَا الْمَنْع لَا يجدي بطائل، فَالْأولى أَن يتْرك قَوْله: منعناه، وَيذكر سَنَده إِثْبَاتًا للمقدمة الممنوعة مَعَ أنّ فِيهِ نظرا، لِأَن قَوْله: الْإِجْمَاع حَاصِل على صِحَّته نتيجةٌ، وَالْمَنْع إِنَّمَا يكون على الدَّلِيل. قَالَ المُصَنّف:
(وَسَنَد الْمَنْع أَنهم متفقون على وجوب الْعَمَل بِكُل مَا صَحَّ، وَلَو لم يُخرجهُ الشَّيْخَانِ، فَلم يبْق) هَذَا إِنَّمَا يتَفَرَّع بملاحظة مُقَدّمَة أُخْرَى، وَهِي أَن الْإِجْمَاع حَاصِل على أَن لَهما مزية.
(لِلصَّحِيحَيْنِ فِي هَذَا مزية، وَالْإِجْمَاع) الْأَظْهر أَن يَقُول: فالإجماع.
(حَاصِل على أنّ لَهما مزية فِيمَا يرجع إِلَى نفس الصِّحَّة) قيل فِيهِ [35 - أ] : إِنَّه لَا يلْزم من ذَلِك الِاتِّفَاق الْإِجْمَاع على صِحَة مَا فِي الْكِتَابَيْنِ، فَإِنَّهُ يجوز أَن يتَّفق الْجَمِيع على وجوب الْعَمَل بِالصَّحِيحِ، وَلَا يكون جَمِيع مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ صَحِيحا، وَتَكون المزية بِاعْتِبَار وجوب الْعَمَل بِجَمِيعِ مَا فيهمَا صَحِيحا أَو غَيره.
وَقَالَ التلميذ: وَحَاصِل الْجَواب: أنّ لِلشَّيْخَيْنِ مزية فِيمَا خرَّجاه وَمَا حَسُن أَو صَحَّ وَجب الْعَمَل بِهِ وَإِن لم يكن من مرويهما، فَيلْزم أنّ مَا أَخْرجَاهُ أَعلَى الحَسَن، وَأَعْلَى الصَّحِيح، فَيلْزم من الِاتِّفَاق على وجوب الْعَمَل بِمَا فيهمَا مَعَ مزيتهما الِاتِّفَاق على صِحَّته. هَذَا مَا أمكنني فِي تَقْرِير هَذَا الْمحل.
وَأما الْعبارَة، فَإِذا نظرت إِلَيْهَا تجدها تنبئ عَن ملائمة الطَّبْع السَّلِيم. انْتهى. فالمنع بِمَعْنى الدّفع مَحْمُول على مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ لَا على مَا هُوَ المصطلح عِنْد أَرْبَاب