شرح نخبه الفكر (صفحة 337)

بكذا، وجمع الخطيب البغدادي في ذلك كتاباً أسماه: (أخبار من حدث ونسي) وقبله الدارقطني، وللسيوطي: (تذكرة المؤتسي في ذكر من حدث ونسي).

وقال ابن الصلاح: "ولأجل أن الإنسان معرض للنسيان كره من كره من العلماء الرواية عن الأحياء، منهم الشافعي قال لابن عبد الحكم: "إياك والرواية عن الأحياء"، إياك والرواية عن الأحياء، يعني لا تروي إلا عن الأموات؛ لأنه قد ينسى الشيخ الذي رويت عنه ثم لا يلبث أن ينكر أنه رواك، وأن ما رويته عنه صحيح، أما إذا مات أمنت من هذه المفسدة، لكن من يضمن لك أنك تعمر حتى تبلغ هذه السنة بعد وفاة شيخك؟ من يضمن لك؟ نعم هناك مفسدة إذا أنكر وهذا نادر جداً لا يقابله مصلحة تبليغ العلم، والله المستعان، نعم.

"وإن اتفق الرواة في صيغ الأداء أو غيرها من الحالات فهو المسلسل، وصيغ الأداء: سمعت وحدثني، ثم أخبرني، وقرأت عليه، ثم قرئ عليه وأنا أسمع، ثم أنبأني، ثم ناولني، ثم شافهني، ثم كتب إلي، ثم عن ونحوها، فالأولان: لمن سمع وحده من لفظ الشيخ، فإن جمع فمع غيره، وأولها أصرحها وأرفعها في الإملاء، والثالث والرابع: لمن قرأ بنفسه، فإن جمع فكالخامس، والإنباء بمعنى الإخبار إلا في عرف المتأخرين فهو للإجازة كـ (عن)، وعنعنة المعاصر محمولة على السماع إلا من مدلس، وقيل: يشترط ثبوت لقائمها ولو مرة وهو المختار، وأطلقوا المشافهة في الإجازة المتلفظ بها، والمكاتبة في الإجازة المكتوب بها، واشترطوا في صحة المناولة اقترانها بالإذن بالرواية، وهي أرفع أنواع الإجازة، وكذا اشترطوا الإذن في الوجادة، والوصية بالكتاب وفي الإعلام وإلا فلا عبرة بذلك كالإجازة العامة، وللمجهول وللمعدوم على الأصح في جميع ذلك".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015