شرح نخبه الفكر (صفحة 336)

وقال بعض الحنفية: لا يقبل لأن الفرع تبع للأصل في إثبات الحديث بحيث إذا ثبت أصل الحديث ثبتت رواية الفرع، فكذلك ينبغي أن يكون فرعاً عليه وتبعاً له في التحقق، هم يقولون: ما دام الشيخ شاك وهو الأصل إذن الحديث مشكوك فيه، وهذا الراوي يرويه عن ذلك الشيخ الشاك فيسقط الحديث، ولا يقبل حينئذ من الطالب الذي روى عن شيخ شاك، قال ابن حجر: "وهذا متعقب فإن عدالة الفرع تقتضي صدقه، وعدم علم الأصل لا ينافيه؛ لأن الأصل ما هو بجازم، والفرع الذي هو الراوي جازم، والمفترض فيه أنه ثقة، ولا يجزم إلا بما يتيقن صدقه، "عدم علم الأصل لا ينافيه فالمثبت مقدم على النافي، وأما قياس ذلك بالشهادة ففاسد؛ لأن شهادة الفرع لا تسمع مع القدرة على شهادة الأصل بخلاف الرواية فافترقا، يعني لو جيء بشخص يشهد بدين لزيد على عمرو ثم تعذر عليه الحضور فكلف شخصاً أن يشهد عنه فرعاً عنه يشهد على شهادته، فذهب الفرع إلى القاضي وقال له: أشهد على فلان أنه يشهد بكذا ثم نوقش الأصل، وجد الأصل فنوقش قال: أبداً، أنا لا أشهد ولا حملته، مثل هذا يختلف عن الرواية، لماذا؟ لأن شهادة الفرع لا تسمع مع القدرة على شهادة الأصل بخلاف الرواية، الرواية تسمع من الفرع مع وجود الأصل فافترقا، وبنى الحنفية على أصلهم ردهم حديث سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها فنكاحها باطل ... )) الحديث، من أجل أن ابن جريج قال: لقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه، وكذا حديث ربيعة الرأي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى بشاهد ويمين، فإن عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال: لقيت سهيلاً فسألته عنه فلم يعرفه، قال ابن الصلاح: والصحيح ما عليه الجمهور؛ لأن المروي عنه بصدد السهو والنسيان، والراوي عنه ثقة جازم، فلا ترد روايته بالاحتمال، ولهذا كان سهيل بعد ذلك يقول: حدثني ربيعة عني، حدثني ربيعة عني، نعم، عن أبي، حدثني ربيعة عني عن أبي، ويسوق الحديث، وقد روى كثير من الأكابر أحاديث نسوها بعدما حدثوا بها عمن سمعها منهم، فكان أحدهم يقول: حدثني فلان عني عن فلان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015