وفيه من حدث ونسي: إذا روى شيخ عن ثقة حديثاً فجحد الشيخ المروي عنه ونفى ما نسب إليه، قال ابن الصلاح: "المختار أنه إن كان جازماً بنفيه بأن قال: ما رويته أو كذب علي أو نحو ذلك فقد تعارض الجزمان، والجاحد هو الأصل فوجب رد حديث الفرع، قال القاري على المختار: "وهو محكي عن الشافعي، وبالغ بعضهم في ذلك فنقل الإجماع عليه"، وقال ابن حجر: "رد الخبر لكذب واحد منهما لا بعينه"، لكذب واحد منهما لا بعينه، أي لكذب الأصل في قوله: كذب علي أو ما رويت إن كان الفرع صادقاً أو كذب الفرع في الرواية إن كان الأصل صادقاً في قوله: كذب علي، قال ابن الصلاح: "ثم لا يكون ذلك جرحاً له يوجب رد باقي حديثه لأنه مكذب لشيخه أيضاً، وليس قبول جرح شيخه له بأولى من قبول جرحه لشيخه فتساقطا، إيش معنى هذا الكلام؟ إذا روى زيد عن عمرو حديثاً فقال عمرو: كذب زيد ما رويته هذا الحديث وليس الحديث من مروياتي جازم بذلك يرد الخبر، يرد الخبر، لماذا؟ لأن أحدهما كاذب، لا بعينه يعني مثل ما يقال في اللعان، "الله يعلم إن أحدكما كاذب فهل من تائب؟ " أحدهما كاذب، .... إذا قذف الزوج زوجته بالزنى ونفت ذلك وتلاعنا لا شك أن أحدهما كاذب إما الزوج وإما الزوجة، لكن لا يحكم بالحد على الزوج إذا لاعن، ويدرأ عن الزوجة الحد باللعان أيضاً، فأحدهما كاذب لكن لا بعينه، ما يدرى هو الزوج أو .... ؟
وهنا إذا قال الشيخ: أنا ما حدثته كذب علي، وقال التلميذ: بلى حدثني، نعم، أحدهما كاذب؛ لأنه لا يجتمع النقيضان، لا يجتمع النقيضان، فأحدهما كاذب قطعاً، لكن هل يكون ذلك جرح في الشيخ أو في الطالب؟ قالوا: هذا ليس بجرح لا في الشيخ ولا في الطالب، نعم؛ لأن هذا الكذب بالنسبة للشيخ والطالب مشكوك فيه، والأصل أنه ثقة، والشك لا يرفع اليقين، ولذا قال ابن الصلاح: "ثم لا يكون ذلك جرحاً له يوجب رد باقي حديثه لأنه مكذب لشيخه أيضاً في ذلك، وليس قبول جرح شيخه له بأولى من قبول جرحه لشيخه فتساقطا".