شرح نخبه الفكر (صفحة 333)

قال ابن حجر: "ومن أراد لذلك ضابطاً كلياً يمتاز به أحدهما عن الآخر فباختصاصه بأحدهما يتبين المهمل، ومتى لم يتبين ذلك أو كان مختصاً بهما معاً فإشكاله شديد فيرجع فيه إلى القرائن والظن الغالب، إذا كانا ثقتين فالأمر سهل، إذا كانا ضعيفين يعني جميع من في هذه الطبقة ممن اسمه محمد ثقات، الحمد لله، ممن يروي عنهم ذلك الشخص ما في إشكال، وإن كانوا كلهم ضعفاء فالأمر أيضاً مفروغ منه يضعف الخبر لضعف جميع من اسمه هذا.

الإشكال فيما إذا كان بعضهم ثقات وبعضهم ضعفاء، مثال ذلك: ما يقع كثيراً في صحيح البخاري عن محمد غير منسوب، ولذا يختلف فيه الشراح كثيراً، ويرجح بعضهم ما لا يرجحه الآخر، ويحتمل أن يكون الذهلي أو ابن سلام أو غيرهما، كما يقع في صحيح البخاري رواية عن أحمد غير منسوب عن ابن وهب وهو إما أحمد بن صالح المصري أو أحمد بن عيسى، وقد استوعب ذلك الحافظ ابن حجر في هدي الساري مقدمة فتح الباري، والذي يضر من ذلك أن يكون أحدهما ضعيفاً، من ذلك قول وكيع: حدثنا النضر عن عكرمة وهو يروي عن النضر بن عربي وعن النضر بن عبد الرحمن وهو ضعيف، أما إذا كانا ثقتين فإن عدم تميز أحدهما عن الآخر فإنه لا يضر كعدم تميز سفيان أو حماد، وهناك ضابط للسفيانين والحمادين ذكره الحافظ الذهبي -رحمه الله تعالى- في آخر المجلد السابع من سير أعلام النبلاء فليراجع.

ثم قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وإن جحد الشيخ مرويه جزماً رد، أو احتمالاً قبل في الأصح، وفيه من حدث ونسي".

"إن جحد الشيخ مرويه جزماً رد"، يعني إذا قال الشيخ: أنا لم أحدثك بهذا الحديث -يعني الطالب- قال له: بلى حدثتني في يوم كذا، قال: أبداً، أنا لم أحدثك، فإنه حينئذ يرد؛ لأنه هو الأصل، أو احتمالاً، يقول: والله أنا نسيت، ما أدري والله أنا حدثتك أو ما حدثتك فإنه يقبل؛ لأن الطالب جازم والشيخ شاك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015