ما الذي يترتب على هذا الكلام؟ يترتب عليه أننا إذا درسنا إسناد ووجدنا فيه راوي قيل عنه في كتب الجرح والتعديل: "مجهول" إن قلنا: الجهالة جرح نقول: الحديث ضعيف؛ لأن فيه راوٍ مجهول، وإذا قلنا: عدم علم بحال الراوي قلنا: الحكم التوقف حتى نعرف حال هذا الراوي المجهول، فرق بين الحكم بالضعف مباشرة وبين التوقف حتى نتبين، وسيأتي لهذه المسألة مزيد بيان -إن شاء الله تعالى-.
الوجه التاسع من أوجه الطعن في الراوي البدعة: والبدعة في الأصل: اختراع الشيء لا على مثال سابق، اختراع الشيء لا على مثال سابق، يقال: ابتدع فلان بدعة يعني ابتدع طريقة لم يسبقه إليها سابق، سواءً كانت هذه الطريقة مذمومة أو ممدوحة، وأكثر ما يستعمل الابتداع عرفاً في الذم، والله -سبحانه وتعالى- بديع السماوات والأرض، يعني هو الخالق والمخترع لهما لا على مثال سابق، فعيل: بمعنى مفعِل، أبدع فهو مبدع.
واصطلاحاً: كل ما أحدث في الدين بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، كل ما أحدث في الدين مما لم يسبق له شرعية من كتاب أو سنة فهو بدعة.
عرفها الشاطبي بأنها: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية -يعني يتعبد بها مخترعها- يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية، والابتداع شامل لما تخترعه القلوب، وتنطق به الألسنة، وتفعله الجوارح، كما قرره الطرطوشي، يعني الابتداع يكون في الأقوال والعقائد والأفعال.
تقسيم البدع: بعض العلماء قسم البدع إلى قسمين: بدع حسنة، وبدع قبيحة سيئة، قال ابن الأثير: "البدعة بدعتان: بدعة هدى وبدعة ضلال، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فهو في حيز الذم والإنكار، وما كان واقعاً تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه ورسوله فهو في حيز المدح" فقسم البدعة إلى ممدوحة ومذمومة، هل يوافق على هذا الكلام؟ "ما كان واقعاً تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه رسوله فهو في حيز المدح" هذا بدعة؟ هذا واقع فيما ندب .... ، في عموم النصوص ليس بقول مخترع.