مَا لَا يَجُوزُ لَا يُتَّبَعُ وَهَذَا إذَا شَرَطَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
شَيْئًا مُتَّفَقًا عَلَى مَنْعِهِ وَإِلَّا فَقَدْ نَصَّ فِي النَّوَادِرِ وَالْمُتَيْطِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي وَقْفِهِ إنْ وُجِدَ ثَمَنُ رَغْبَةِ بَيْعٍ اُشْتُرِيَ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ مَضَى وَعَمِلَ بِشَرْطِهِ وَمِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ اشْتِرَاطِ إخْرَاجِ الْبَنَاتِ مِنْ الْوَقْفِ إذَا تَزَوَّجْنَ وَحَصَّلَ فِيهَا ابْنُ رُشْدٍ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ وَقَالَ اللَّخْمِيّ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ إلَى أَنْ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْمُحَبِّسُ حَيًّا فَأَرَى أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُدْخِلَ فِيهِ الْبَنَاتَ وَإِنْ حِيزَ أَوْ مَاتَ الْمُحَبِّسُ فَاتَ وَكَانَ عَلَى مَا حَبَسَهُ اهـ.
فَانْظُرْ كَيْفَ مَضَى بَعْدَ الْفَوَاتِ لِلْخِلَافِ الَّذِي فِيهِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَمِنْ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيّ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ حَبَسَ دَارًا وَشَرَطَ عَلَى الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ أَنْ يَرُمَّهَا إنْ احْتَاجَتْ قَالَ لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَذَلِكَ كِرَاءٌ وَلَيْسَ بِحَبْسٍ فَإِذَا نَزَلَ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَرَّ مِنْهَا مِنْ غَلَّتِهَا فَأَجَازَ الْحَبْسَ وَأَسْقَطَ الشَّرْطَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَرُدُّ الْحَبْسَ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَانْظُرْ الْحَطَّابَ فِيمَنْ حَبَسَ كُتُبًا وَاشْتَرَطَ أَنَّهُ لَا يُعْطِي إلَّا كِتَابٌ بَعْدَ كِتَابٍ أَوْ اشْتِرَاطُ عَدَمِ خُرُوجِهَا مِنْ الْمَدْرَسَةِ وَهَلْ يُرَاعَى فِي ذَلِكَ لَفْظُ الْمُحَبِّسِ أَوْ قَصْدُهُ وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ سَيِّدِي عَبْدُ اللَّهِ الْعَبْدُوسِيُّ فِي أَثْنَاءِ جَوَابٍ لَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثَ فِي الْحَبْسِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنْ لَوْ كَانَ الْمُحْبِسُ حَيًّا وَعَرَضَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَرَضِيَهُ وَاسْتَحْسَنَهُ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ أَوَائِلَ السِّفْرِ الرَّابِعِ وَانْظُرْ الْحَطَّابَ أَيْضًا عَلَى مَنْ بَنَى مَدْرَسَةً وَاشْتَرَطَ أَنْ لَا يَسْكُنَهَا إلَّا مَنْ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي مَسْجِدِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا فِي غَيْرِهَا وَأَنْ يَحْضُرَ حِزْبَ الْقُرْآنِ الْمُرَتَّبَ إنْ كَانَ قَارِئًا وَيَحْضُرُ الْمِيعَادَ فِي وَقْتِهِ.
وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ سُكْنَى وَقَالَ إنَّهُ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهَا وَانْظُرْهُ أَيْضًا عَلَى مَنْ وَقَفَ كِتَابًا عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَشَرَطَ أَنْ لَا يُعَارَ إلَّا بِرَهْنٍ هَلْ يَصِحُّ هَذَا الرَّهْنُ أَوْ لَا وَعَلَى مَا إذَا خُصَّ مَسْجِدٌ بِمُعَيَّنِينَ كَأَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا وَيَشْتَرِطَ فِي وَقْفِهِ أَنْ لَا يَتَوَلَّاهُ إلَّا مَالِكِيُّ الْمَذْهَبِ مَثَلًا اهـ.
وَفِي جَوَابِ ثَانِي نَازِلَةٍ مِنْ نَوَازِلِ الْأَحْبَاسِ مِنْ الْمِعْيَارِ مَا نَصُّهُ وَإِنَّمَا يَسْكُنُ الْمَدْرَسَةَ مَنْ بَلَغَ عِشْرِينَ سَنَةً فَمَا فَوْقَهَا وَأَخَذَ فِي قِرَاءَةِ الْعِلْمِ وَدَرْسِهِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَيَحْضُرُ قِرَاءَةَ الْحِزْبِ صُبْحًا وَمَغْرِبًا وَيَحْضُرُ مَجْلِسَ مُقِرِّيهَا