المسألة الرابعة: أن النية شرعت للتمييز، فهي تميز المعمول له، وتميز العبادة عن العبادة، وعن العادة.
أولاً: تميز المعمول له: وهذا هو الإخلاص، وهذا بحثه في كتب السلوك وفي كتب التوحيد ومعناه أن تخلص عملك لله جل وعلا.
هذا رجل يصلي لكنه قد يريد بصلاته ثواب الله وقد يريد الدنيا، فالنية تميز المعمول له، وهذا هو الإخلاص.
ثانياً: النية تميز العبادة عن العبادة: ذلك: رجل استيقظ لصلاة الصبح فدخل المسجد فصلى بنية تحية المسجد ركعتين، فلما انتهى من الركعتين التفت فإذا بالناس يخرجون من المسجد، فعلم أن الصلاة قد أديت، فقال: إذاً تحية المسجد هي صلاة الفجر، فهل يجزئه ذلك؟
صلى الله عليه وسلم لا.
لأن هذه عبادة وهي تحية المسجد، وصلاة الفجر عبادة أخرى.
مثال آخر: رجل تصدق بعشرة آلاف ريال بنية التطوع، فلما قبضها الفقير تذكر المتصدق أن عليه زكاةً لم يخرجها، فقال: هذه عن زكاة مالي، فنقول له: لا يجزئك ذلك؛ لأن هذه عبادة وهذه عبادة.
ثالثاً: تميز العبادة عن العادة: مثاله: رجل ترك الطعام والشراب بنية الصوم، هذه عبادة، وآخر ترك الطعام والشراب للصحة، فهذه عادة.
رجل اغتسل بنية التبريد، وآخر اغتسل بنية رفع الحدث، نقول: هذه عبادة وهذه عادة.
إذاً: النية هي التي تميز بين العبادة والعادة، وتميز بين العبادة والعبادة الأخرى.
وتميز العمل للمعمول له جل وعلا، وهذا الإخلاص.