لاحتمال الخطأ في اجتهاده، كذلك المفسر لا يقطع بأن مراد الرب جل وعلا من هذه الآية أو من هذه الكلمة هو كذا إلا بلفظ من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الصحابة الذين شاهدوا التنزيل والوحي، وأما التأويل فهو ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة بأن مراد الله تعالى كذا يعني ينظر في الأقوال فإذا بابن عباس قال قولاً وخالفه زيد بن ثابت وخالفه معاذ مثلاً فينظر في اعتبار القواعد فيقول: الله أعلم أن قول ابن عباس أرجح. فحينئذٍ ماذا؟ رجح أو قدم أحد المحتملات على الآخر.

(لا تَأْوِيْلَهُ) التأويل إذا نظرنا إليه من حيث هو نقول: هذا مصدر. أَوَّل يُئَوِّلُ تأويلاً لأن التأويل له معنى خاص عند المتأخرين ولكن نقول من حيث القسمة: التأويل في الأصل أنه مصدر أَوَّل يُئَوِّلُ تأويلاً مأخوذ من الأَوْلِ وهو الرجوع إلى الأصل يقال: آل إليه أَوْلاً ومآلاً بمعنى رجع ويقال: أوَّل الكلام تأويلاً وتأوَّلَهُ فسره وعليه في المعنى اللغوي هنا افترق الاصطلاح على ثلاثة أنحاء:

فيطلق التأويل ويراد به تأويل الكلام بمعنى ما أوله إليه المتكلم.

أو ما يؤول إليه الكلام ويرجع، والكلام حينئذٍ إنما يرجع ويعود إلى حقيقته في الإنشاء إلى امتثال المأمور وفي الخبر إلى وقوع الْمُخْبِر به حينئذٍ صار هذا النوع نوعين لأنه إما أن يكون ما يؤول إليه الكلام ويرجع إما أن يكون إنشاءً ومنه الأمر وإما أن يكون خبرًا فتأويل الأمر هو فعل المأمور به ولذلك لو قال .... : أقيموا الصلاة. فقام صلى فعل الصلاة نقول: هذا تأول الآية. بمعنى: امتثل المأمور به. ولذلك جاء في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي». تقول: كان يتأول القرآن. لأنه جعله {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر: 1 - 3] إذًا امتثل المأمور فسمي تأويلاً، وتأويل الإخبار أو الأخبار هو وقوع الْمُخْبَرِ عين الْمُخْبر به {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ} [الأعراف: 53] ... إلى آخر الآية {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} المراد به يوم يقع عين المخبر به وهو الساعة {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} يعني: يوم يأتي عين المخبر به وهو وقوع الساعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015