قالوا: لأن الجميع كلام الله ولئلا يوهم تَنَقُص الْمُفَضَّل عليه. لو قيل: سورة كذا أفضل من سورة كذا. إذًا الْمُفَضَّل عليه يتوهم للمتوهم أنها أدنى من تلك فقد يتبادر النقص إليها فقالوا: إذًا نمنع التفضيل بين القرآن ونقول: كله على مرتبة واحدة وكله على درجة واحدة.

هنا قال: (والمَفْضُولَةْ). هذا القول الثاني وهو إثبات كون القرآن فيه فاضل ومفضول لأنه عبر بالمفضولة، المفضول اسم مفعول أليس كذلك مأخوذ من الفضل مفضول واسم الفاعل منه: فاضلة. فاضل وفاضلة ومفضول ومفضولةٌ والسورة مفضولة وفاضلة هنا قال: (والمَفْضُولَةْ). دل على ماذا؟

على اختيار أن في القرآن فيه مفضول وفاضل (والمَفْضُولَةْ مِنْهُ) يعني: من القرآن. (على القَولِ بِهِ) بوجوده (كَـ «تَبَّتِ») يعني: كسورة تبت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1].

(والفاضِلُ الَّذْ) هذه لغة في الذي، الذ بحذف الياء لغة في الذي. وأبى اللذ أوبي قال ابن مالك: (وجعل اللذ كاعتقد) يعني: وجعل الذي تعتقد. وأبى الذي أوبي حينئذٍ نقول: هذه لغة في الذي واللذ بحذف الياء (والفاضِلُ الَّذْ فيهِ) يعني: في الله عز وجل (مِنْهُ) من الله جل وعلا (أَتَتِ) أي تلك الآية أو السورة مراده أن المفضول هو كلامه تعالى في حق غيره، والفاضل هو كلام الله في الله جل وعلا كيف هذا؟

يعني ما كان متعلقًا بذاته وأسمائه وصفاته نقول: هذا أشرف من جهة المعنى مما تعلق بأبي لهب أليس كذلك؟ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1] متعلق الحديث عن أبي لهب {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] متعلق الحديث عن ذات الرب جل وعلا بأسمائه وصفاته أيهما أفضل من حيث المعنى؟

آية الكرسي فنقول: هذه أفضل من حيث ما تضمنته من المعاني العجيبة المتعلقة بذات الرب سبحانه وبأسمائه وصفاته، وتلك وإن كانت كلام الله عز وجل ومتعبد بتلاوتها وحصل الإعجاز بها إلا أنها من حيث المعنى ليست كتلك فالمقارنة حينئذٍ هنا مقارنة نسبية وليست مطلقة يعني لا نقارن أن {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} كلام خارجي عن كلام الرب جل وعلا حتى يُتوهم النقص وإنما نقارن بعض كلامه ببعضه الآخر فحينئذٍ {تَبَّتْ} نقول: هذه مفضولة بالنسبة إلى ماذا؟ بالنسبة إلى آية الكرسي مثلاً، وأما كلامه سبحانه في ذاته وأسمائه وصفاته فلا شك أنه أعلى المقامات وما دونه وهو كلامه جل وعلا في غيره هذا لا يُوهم النقص من حيث نسبته إلى الأول.

إذًا (والفاضِلُ) أي كلام الله في الله (الَّذْ) الذي (فيهِ) يعني: في الله عز وجل (مِنْهُ) أي من الله سبحانه (أَتَتِ) أي تلك الآية أو السورة فيه ومنه هذان ظرفان متعلقان بقوله: (أَتَتِ). والفاضل الذي أتت فيه منه جار ومجرور متعلق بقوله: (أَتَتِ). وأتت هذه صلة الموصول.

إذًا نقول: اختلف أهل العلم في ماذا؟ في هل في القرآن شيء أفضل من شيء؟ نقول: على قولين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015