إذًا علمنا حد السورة وعلمنا حد الآية يبقى السؤال هل ترتيب الآيات توقيفي أم اجتهادي ما المراد بترتيب الآيات {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 2، 4] هل يصح أن نقول مالك يوم الدين، الحمد لله رب العالمين، اهدنا الصراط المستقيم، لا يجوز بالنص والإجماع ترتيب الآيات توقيفي لا يجوز أن يقدم الآية التالية على سابقتها ولا أن تؤخر تالية على تاليها وإلا لا يجب أن تذكر الآيات على وقت المصحف العثماني الذي أجمع عليه الصحابة، إذًا ترتيب الآيات توقيفي بالإجماع ولذلك قال السيوطي رحمه الله تعالى: الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في ذلك، ولذلك جاء في صحيح البخاري عن ابن الزبير قال: قلت لعثمان {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً} قد نسختها الآية الأخرى وهذا على العكس الناسخ الأصل أنه يكون سابقًا والمنسوخ أن يكون تابعًا، وهنا ما الذي حصل؟ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ} [البقرة: 240] هذه سابقة أم متأخرة ... {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [البقرة: 234] أيهما أسبق في القرآن؟ أيهما الأول ... والوصية الثانية صحيح
هنا قال ابن الزبير: قلت لعثمان {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً} قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها؟ - لأنها منسوخة - {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ} [البقرة: 240] هذه منسوخة وقلنا: النسخ هذا سبق أنه مثال للبعض لا للكل الأكثر في النسخ أن يكون لكل الحكم وهنا للبعض لماذا؟
لأنه نسخ بعض الحول وليس كل الحول لأن كان السنة اثني عشر شهرًا فصارت أربعة أشهر وعشرًا حينئذٍ صار المنسوخ بعض الحكم وليس كل الحكم وهذا يجعل مثال النسخ أو الرفع لبعض الحكم لا لكله، وقد يشتبه بالتخصيص وذكرنا الفرق في القواعد فلم تكتبها؟ قال: يا ابن أخي لا أغير شيئًا من مكانه. دل على ماذا؟ على أن عثمان رضي الله تعالى عنه إنما جعل في المصحف الذي سماه أو أطلق عليه: مصحف الإمام. أنه ما اتفق عليه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - من ترتيب الآيات فقال: يا ابن أخي لا أغير شيئًا من مكانه. فحينئذٍ يكون ماذا؟ يكون توقيفيًّا.
وأما ترتيب السور بعضها تلو بعض فهذا مما وقع فيه نزاع فقيل: توقيفي. وقيل: اجتهادي من الصحابة رضي الله تعالى عنهم. وقيل قول ثالث يجمع بين القولين: بعضه توقيفي، وبعضه اجتهادي.
والأصح أن يقال: إنه توقيفي. أن ترتيب السور على الموجود الآن في مصحف عثمان رضي الله تعالى عنه أنه توقيفي الدليل ماذا؟