(عِلْمٌ بِهِ) (عِلْمٌ) العلم إذا أخذ جنسًا في حد العلوم هذا إما أن يفسر بالإدراك وإما أن يفسر بالمسائل وإما أن يفسر بالملكة، وبكلٍّ قيل يعني: كل قول من هذه الأقوال الثلاثة قال به بعض أهل العلم فأيده ورد الآخر ففسر العلم بالإدراك والإدراك عام يشمل التصور والتصديق إدراك وهو وصول النفس إلى المعنى بتمامه سبق معنا مرارًا، أو المسائل التي تثبت بدليلهم يعني: التصديق بتلك المسائل عن دليل، أو الملكة التي تسمى ملكة الاستحضار التي تحصل بتكرار النظر في تلك التصديقات لأن الإنسان إذا كرر النظر في المسائل بأدلتها حصل له نوع ملكة هذه الملكة لا تحصل إلا بالرسوخ في العلم، وبعضهم يطلق هذه الملكة ملكة الاستحضار ويريد بها ملكة التهيؤ الكامل الذي يُذكر في شأن الفقيه والعلم بالصلاح فيما قبلها لأن الفقه يقال فيه العلم بالأحكام المراد به العلم الحاصل بالفعل في كل مسألة مَسألة إن قيل بذلك خرج أكثر الفقهاء ومنهم الأئمة الأربعة لأن ما من إمام الأئمة الأربعة وهو العمدة في الفقه إلا وقد سئل عن مسائل فقال: لا أدري. فحينئذٍ لو قيل المراد بكل مسألة بالفعل لخرج أكثر الفقهاء ولكن المراد ماذا؟ ملكة التهيؤ التام بحيث لو سئل عن مسألة فيستحضر في نفسه حكم المسألة ودليلها فأجاب وقد يسأل عن مسألة بل مسائل فلا يستحضر فيها حكمًا فحينئذ هو متهيئ للبحث والنظر في الكتاب والسنة فيتوصل إلى النتيجة وهو الحكم بدليله، فحينئذ لو قال الإمام مالك رحمه الله وقد سئل عن بعض المسائل تجاوزت الثلاثين في أكثرها لا أدري هل لو بحث الإمام مالك ونظر وتأمل وتدبر الكتاب والسنة هل يستطيع أن يصل إلى نتيجة أو لا؟

يستطيع، ولِمَ نفى أولاً نفى لماذا واستطاع بماذا؟ نفى العلم الحصولي الحضوري واستطاع أن يصل إلى المسئول عنه بالملكة التي تسمى ملكة التهيؤ التام يعني: عنده قدرة بحيث لو نظر في الأدلة لاستطاع أن يصل إلى الحكم الشرعي. هذا ما يُعبر بالملكة وهو عام في كل الفنون يقال: فلان نحوي. وليس المراد كل مسائل النحو تكون في ذهنه بحيث لو سئل عن إعرابها قال: لا أدري. يقال: هذا ليس بنحوي. أو أنه فقيه أو أنه محدث لو سئل عن صحة حديث قال: لا أدري - أو - لم يمر عليّ. وأحيانًا يكون في البخاري أو مسلم يقول: لا أدري عن هذا الحديث. لكن لو تأمل وجلس مع نفسه وكذا قد يصل إلى أنه في البخاري مثلاً أو بحث أن يعرف دليلاً أو يعرف حكمه من جهة الصحة والثبوت.

إذًا علم يطلق ويراد به المسائل المخصوصة ويطلق ويراد به التصديقات في تلك المسائل عند دليلها ويطلق على الملكة الحاصلة بتكرار النظر في تلك التصديقات وتسمى ملكة الاستحضار، ويطلق ويراد به الملكة التي تسمى ملكة التهيؤ التام وأيهما أرجح هنا في العلم أيهما أرجح؟

الأظهر الكل.

وكل فن في اسمه مشتركة ... قواعد إدراكها هو الملكة

وكل فن في اسمه الآن نحن نبحث في ماذا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015