نقول: نعم، مراد به التكثير لماذا؟
لأنه كأن المفسر يتبع سورة بعض سورة بإيضاحها وكشف معانيها يعني: ينظر في الفاتحة فيكشف معانيها وأسرارها وحقائقها بما يفتح الرب جل وعلا عليه ثم يتبعها بسورة البقرة، ثم يتبعها بسورة آل عمران وهلم جرا إلى آخر القرآن، إذًا حصل التكثير أو لا؟
نقول: حصل التكثير. إتباع المفسر سورةً بعد سورة وآية بعد آية فهو مأخوذ من الْفَسْرِ يقال: فَسَّرَهُ وَيُفَسِّرُهُ وَيُفَسُّرُهُ يَفْسُرُهُ وَيُفَسِرُهُ بالتخفيف فَسَّرَهُ نصر يَفْسُرُهُ وَفَسَّرَهُ ضربه من باب ضرب يَفْسِرُهُ إذًا يجوز فيه الوجهان، التفسير مأخوذ من الْفَسْرِ وهو: الكشف والإيضاح والإبانة. هذا في الأصل وفعله كضرب ونصر يعني: من باب فَعَلَ يَفْعِلُ فَعَلَ، ومن باب فَعَلَ يَفْعُلُ إذًا فَسَرَ يَفْسُرُ وفَسَرَ يَفْسِرُ والمصدر متحد في البابين فَسْرًا، والفسر المراد به الإيضاح، والكشف، والبيان. وَفَسَّرَهُ هذا بالتثقيل نقول: أبانه. وفي اللسان لسان العرب: الْفَسْر كشف المغطى. يعني: كأنه أراد أن يجعل الفرق بين الفسر والتفسير يعني التفسير فيه زيادة حرف بل حروف حينئذٍ لا بد من زيادة في المعنى فقال: الفسر كشف المغطَّى. لأن المعنى قد يكون مشغولاً حينئذٍ يكشفه المفسر والتفسير كشف المراد عن اللفظ الْمُشْكِل، إذًا فيه بُعد من جهة المعنى، الْفَسْرُ هذا كشف المعنى المغطى الذي ليس فيه إشكال والتفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل كأنه جعل التفسير أدق وأعمق من الفسر، فالفسر يكون لأمرٍ مغطى في الظاهر فيكشفه ويبينه بأدنى كشف وبأدنى إظهار وبأدنى إبانة لا يحتاج إلى بحث، وأما التفسير فهو: التعمق وزيادة النظر وزيادة البحث وزيادة الكشف فيحتاج إلى عمل أكثر من جهة التدبر والنقل. هذا من جهة المعنى اللغوي لكن من جهة المعنى الاصطلاحي كلاهما بمعنى واحد وقيل: التفسير أو الفسر مقلوب السفر. يقال: أسفر الصبح إذا أضاء. ومنه يقال: السفور أسفرت المرأة عن وجهها إذا كشفته.
حد علم التفسير قال:
عِلْمٌ بِهِ يُبْحَثُ عَنْ أَحوالِ ... كِتابِنا مِنْ جِهَةِ الإِنْزَالِ
ونَحْوِهِ ...... ... .....
علم مرادف لعلوم القرآن علم ذو مباحث تتعلق بالكتاب العزيز من حيث النزول وكتابته وجمعه وترتيبه وأسمائه وسوره إلى آخره وناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابه إلى آخره فحينئذٍ رادف المصنف هنا معنى علوم التفسير بمعنى علوم القرآن السابقة والمراد بالمعنى اللقبي العلمي، وأما المعنى الذي هو الإضافي هذا لا يمكن أن يعرف بعلوم القرآن المدون الذي هو الأنواع التي سيذكرها المصنف بخمسة وخمسين نوعًا نقول: علوم القرآن بالمعنى الإضافي الذي سبق معنا بالأمس طوائف متصلة أو طوائف المعارف المتصلة بالقرآن فيشمل كل علم لكن هنا خصه ببعض العلم لذلك قال: (مِنْ جِهَةِ الإِنْزَالِ).