ما وجهه ما سره الصحابة فصحاء أقحاح يعني: يفهمون من اللغة من النحو والبيان والصرف وإن لم تدون تلك العلوم. ولذلك كما قيل في فن أصول الفقه أنه موجودٌ بالسليقة والطبيعة ومأخوذ في أنفسهم والنحو كذلك فنقول: كذلك علوم القرآن موجودة عندهم وهم أهل القرآن، وهم أهل التفسير وهم أعلم ممن جاء بعدهم بتفسيرهم أو الوقوف على مراد الرب جل وعلا وما هذه العلوم إلا شروط في المفسر، فحينئذٍ نقول: العلم كان موجودًا. لما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - واتسعت رقعة البلاد وكثر الناس ووقع شيءٌ من الخلاف والاختلاف في القراءة ظهر أول نوعٍ من أنواع علوم القرآن وهو: جمع القرآن. ثم نشأ رسم القرآن أو الرسم العثماني وهو نوعٌ من أنواع علوم القرآن إذًا وجد أو لم يوجد؟

وجد، كذلك التفاسير التي وجدت من عهد التابعين ولذلك ينسب تفسيرٌ لسعيد بن جبير وأيضًا الحسن البصري وشعبة بن الحجاج وسفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح، كلهم جمعوا تفاسير في أقوال الصحابة أو جمعوا أقوال الصحابة في التفسير وكبار التابعين.

والتفسير ما هو التفسير؟

هو نوعٌ من أنواع علوم القرآن، وما علوم القرآن إلا خدمة لعلم التفسير، فهو أجل أنواع علوم القرآن فإذا وجد أجل أنواع علوم علُوم القرآن وكانت سائر علوم القرآن خدمة لهذا الفن وهو فن التفسير هل يمكن أن يقال بأن علوم القرآن لم يدون فيه شيئًا البتة حتى جاء الْبُلقيني؟

والتفاسير هذه من لدن سعيد بن جبير إلى عهد البلقيني كلها نقول: ليست في علوم القرآن؟

الجواب: لا، لأنه ما من تفسير إلا ويذكر فيه سائر الأنواع من جهة الإنزال، من جهة الجمع، من جهة عدّ الحروف، من جهة القراءات، من جهة معرفة لكونه مكيًا، أو مدنيًا، حضري، أو سفري ... إلى آخره، فيذكر في ضمن التفاسير وإلا ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى وهو مُتوفى سنة عشر وثلاثمائة قد جمع أجل تفسير إلى يومنا هذا، أعظم تفسير من تفاسير السلف هو تفسير ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى ويغني عن غيرِهِ وغيرُهُ لا يغني عنه البتة فحينئذٍ نقول ماذا؟

نقول: وجد أهم وأعلى درجات أنواع علوم القرآن وما ذكر بأن الْبُلقيني هو أول من صنف إلى آخره فهذا ليس بسديد ولا نطيل في هذا المقام والوقت قد أدركنا.

وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015