واخْتَلَفَ القائلون بأنه مهموز قيل: هو مصدرٌ لقرأت كالرجحان والغفران. قَرَأَ يَقْرَأُ قَرْءًا وقرآنًا مصدر زيدت الألف والنون عليه كما سيأتي، إذًا مثل الرجحان والغفران، الغفران هذا مصدر وإن كان سماعيًا غَفَرَ يَغْفِرُ غَفْرًا هذا المصدر القياسي وغفران هذا مصدر سماعي، وقيل: هو الأصل وزيدت عليه الألف والنون - كما سيأتي -. قيل: هو مصدر لقرأت كالرجحان والغفران سمي به الكتاب المقروء من باب تسمية المفعول بالمصدر. وسيأتي هذا بمعنى أنه مقروء يعني: متلو. وقال آخرون - منهم الزجاج -: هو وصف على فُعْلان. وصف ليس بمصدر إنما هو وصف على وزن فُعْلان مشتق من الْقَرْءِ بمعنى الجمع، ومنه: قَرَأْتُ الماء في الحوض. أي: جمعته. إذًا قد يحتمل أن القرآن مشتق من الْقِران قران ويحتمل أنه من الجمع وهذان صوابان يعني: يحمل عليهما دون تفصيل. قال أبو عبيدة: وسُمِّيَ بذلك لأنه جمع السور بعضها إلى بعض. إذًا قيل: القرآن مأخوذ من الجمع لما سمي القرآن كلام الرب جل وعلا قرآنًا؟ لأنه جامع للسور بعضها إلى بعض وسيأتي وجه آخر. وقال الراغب الأصبهاني: بل لكونه جمع ثمرات الكتب السالفة المنزلة. وهذا أصح لكونه جمع ثمرات الكتب السالفة المنزلة لأنه لا يُقال لكل جمعٍ قرآن، هذا لا شك ولا لجمع كل كلامٍ قرآن، هذا لا شك وخاصةً إذا صار علمًا على كلام الرب جل وعلا حينئذٍ لا يصح نقله.

وقيل: لأنه جمع أنواع العلوم كلها.

هذه بعض الأقوال التي ذكرها السيوطي رحمه الله تعالى في ((الإتقان)) وكذلك الزكشي في ((البرهان)) ونقول: والأظهر والله تعالى أعلم أن القرآن في اللغة مصدر قَرَأَ - يعني ما سيأتي هو الأصح - مصدر قرأ بمعنى: تلا. أو بمعنى: جَمَعَ. مصدر قرأ بمعنى: تلا. أو بمعنى: جمع. لأن قَرَأَ يستعمل في التلاوة بمعنى التلاوة ويستعمل في معنى الجمع فهو لفظٌ مشترك أو مشترك لفظي مثل القرح والعين زيدت فيه الألف والنون كما زيدتا في الغفران يعني: القرآن الألف والنون زائدتان. تقول: قَرَأَ قَرْءًا وقرآنًا كما تقول: غَفَرَ غَفْرًا وَغُفْرَانًا فعلى المعنى الأول تَلا فهو مصدرٌ بمعنى اسمٍ المفعول، فحينئذٍ يكون القرآن بمعنى الْمَقْرُوء أي: الْمَتْلُوّ. فسمي القرآن قُرْآنًا لكونه مَتْلُوًّا لأنه مأخوذٌ من قَرَأَ بمعنى: تَلا. ويدل عليه قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 17، 18]. يعني: تلاوته. فصار القرآن هنا مصدر لمعنى اسمٍ المفعول أي: الْمَتْلُوّ. فلذلك نقول: هذا المعنى صحيح سُمِّيَ الْقُرْآن قُرْآنًا لكونه مأخوذًا من قَرَأَ بمعنى تلا فيكون من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول فالْقُرْآن فُعْلان بمعنى الْمَفْعُول بمعنى الْمَقْرُوء والقرآن كلام الله تعالى مَقْرُوءٌ وهو متلو ولا شك في هذا فالمعنى صحيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015